الاختلاج هو أي حادثة
سريرية شاذة ناجمة عن التفريغ الكهربائي في
الدماغ. أما الصرع فهو الميل لحدوث اختلاجات
متكررة. تسبب الاختلاجات الكبرى فقداً للوعي
مع سقوط المريض على الأرض ويراجع بقصة الغشية
Blackout. أما الاختلاجات الصغرى فتسبب تبدلاً
في الوعي دون سقوط المريض على الأرض وقد توصف
أيضاً بالغشية.
1. الفيزيولوجياة المرضية:
إن الدارات المثبطة المتكررة والمترادفة تحد
في القشر السوي وظيفياً من التفريغ المتواقت
بين مجموعة متجاورة من العصبونات. ويلعب حمض
الغاما أمينوبوتيريك (GABA) وهو ناقل عصبي
مثبط دوراً هاماً في هذا المجال. وإن الأدوية
التي تحصر مستقبلات الـGABA يمكن أن تحرض
الاختلاجات. كذلك هناك أيضاً عدد كبير من
النواقل العصبية الاستثارية مثل الأستيل كولين
والحمضين الأمينيين الغلوتامات والأسبارتات
(اأنظر الجدول 1).
يظهر القشر المخي "الصرعي" Epileptic تفريغات
Discharges متكررة مفرطة التزامنوافق Hypersynchronous
تشمل مجموعة كبيرة من العصبوتنات. وتظهر التسجيلات
داخل الخلوية هبات Bursts من إطلاق سريع لكمون
العمل مع نقص في الكمون عبر الغشاء (انزياح
زوال الاستقطاب الانتيابي Paroxysmal Depolarisation
Shift). ومن المحتمل أن كلاً من نقص النظام
المثبط والاستثارة الشديدة يلعبان دوراً في
نشوء النشاط الاختلاجي. إن الخلايا التي تتعرض
لتفريغات صرعية متكررة تخضع لتبدلات فيزيولوجية
وشكلية تجعلها أكثر قدرة على إنتاج التفريغات
الشاذة اللاحقة (الإضرام Kindling).
إن التفريق الرئيسي لأنماط الاختلاج على أسس
فيزيولوجية هو بين الاختلاجات الجزئية Partial
(البؤرية Focal) التي يكون فيها النشاط العصبوني
الانتيابي مقتصراً على جزء واحد من المخ والاختلاجات
المعممة Generalised التي يكون فيها الشذوذ
الكهربي الفيزيولوجي شاملاً لكلا نصفي الكرة
المخية بشكل متزامن ومتوافقت (انظر الشكل
11).
|
الشكل
11: التصنيف الفيزيولوجي
المرضي للاختلاجات.
A.
اختلاج جزئي ناشئ عن تفريغ انتيابي في
منطقة بؤرية من القشر المخي (غالباً الفص
الصدغي)، قد ينتشر الاختلاج بشكل تال
إلى بقية الدماغ (التعمم الثانوي Secondary
Generalisation) عن طريق السبل الدماغية
البينية Diencephalic المفعلة.
B. في
الاختلاجات المعممة الأولية تنشأ التفريغات
الكهربائية الشاذة في الجهاز الدماغي
البيني المفعل وينتشر بنفس الوقت إلى
كل مناطق القشر. |
إذا بقيت الاختلاجات
الجزئية موضعة فإن الأعراض تعتمد على المنطقة
القشرية المتأثرة. وإذا تم المحافظة على الوعي
(إدراك المحيط والقدرة على الاستجابة له)
فإن النوبة تدعى بالاختلاج الجزئي البسيط
Simple Partial Seizure، لكن إذا شمل النشاط
بعض الأجزاء من الدماغ التي تتعامل مع الإدراك
Awareness (مثل الفصين الصدغيين أو الجبهيين)
فإن الوعي في هذه الحالة يتأثر ويؤدي ذلك
لحدوث الاختلاج الجزئي المعقد Complex Partial
Seizure. إن الانتشار الأوسع إلى الدماغ البيني
Diencephalon ومن ثم إلى باقي القشر يؤدي
إلى الاختلاج المعمم الثانوي.
في الاختلاجات المعممة الأولية يبدأ النشاط
الشاذ في كامل القشر بشكل متزامن دون حدوث
بداية جزئية أولية، ومن المرجح أنه ينشأ في
الآليات الدماغية البينية المركزية التي تسيطر
على التفعيل Activation القشري (اأنظر الشكل
11).
ويمكن تمييز ذلك على مخطط كهربية الدماغ EEG
الذي يظهر شوكاتذرى Spikes وأمواجاً من النشاط
الشاذ (أانظر الشكل 4) ويمكن غالباً إثارة
الشذوذات بفرط التهوية و/أو التنبيه الضوئي.
وقد يسبب ذلك اختلاجاً كبيراً مطابقاً للاختلاج
المعمم الثانوي أو مظاهر سريرية محدودة إذا
فشل النشاط الكهربي الشاذ في التأثير على
المقوية العضلية. وفي هذه الحالة يتكون هناك
"الغيبة" غيبوبة Absence حيث يفقد فيها الوعي
لكن يبقى المريض واقفاً أو جالساًَ. إن مثل
هذه النوبات قد يكون من الصعب تفريقها سريرياً
عن الاختلاج الجزئي المعقد في الفص الصدغي.
|
الشكل
4 (اضغط على الصورة للتكبير): مخططات
كهربية الدماغ في الصرع.
A. تفريغ
صرعي معمم أولي.
B. أمواج
حادة بؤرية فوق المنطقة الجدارية اليمنى
(بين المسريين 7 و 8) مع تفريغ معمم ثانوي.
|
2.
المظاهر السريرية:
a. الاختلاجات المقوية
الرمعية Tonic clonic seizures:
قد يسبق الاختلاج المقوي الرمعي باختلاج جزئي
(الأورة Aura) يمكن أن يأخذ أشكالاً مختلفة
وصفت لاحقاً، ولكن من الشائع عدم الحصول على
قصة هذه الأورة وسبب ذلك على الأرجح أن الاختلاج
المعمم اللاحق يسبب بعض النساوة الرجوعية
Retrograde Amnesia للحوادث السابقة مباشرة
للاختلاج، ثم يصبح المريض متصلباً Rigid ويفقد
وعيه ويسقط على الأرض بشكل خطير إذا كان واقفاً
ويتعرض للأذية غالباً.
وخلال هذا الطور يتوقف التنفس وقد يصبح الزراق
المركزي مرئياً، وبعد عدة دقائق يسترخي الصمل
Rigidity بشكل دوري مؤدياً لحدوث النفضات
الرمعية Clonic. قد لا يحدث الطور الرمعي
عند بعض المرضى ويستعاض عن الصمل الشناج بحالة
رخاوة مع السبات العميق الذي قد يستمر لعدة
دقائق ثم يستعيد المريض وعيه تدريجياً لكنه
يبقى بحالة تخليط وتوهان (عدم توجه) لمدة
نصف ساعة أو أكثر بعد استعادة الوعي. قد لا
تشفى وظيفة الذاكرة بشكل كامل لعدة ساعات.
وقد يحدث السلس البولي أثناء النوبة كذلك
قد يعض المريض على لسانه (إن اللسان النازف
المعضوض بشكل شديد بعد نوبة من فقد الوعي
علامة مرضية واصمة Pathognomonic على الاختلاج
المعمم).
وبعد الاختلاج المعمم يشعر المريض عادة بالإجهاد
terrible وقد يحدث لديه صداع ويرغب بالنوم.
إن الشهود على الاختلاج يكونون خائفين عادة
ويعتقدون غالباً أن المريض سيموت وقد لا يعطون
إفادة واضحة، وهذا الأمر بحدث ذاته مؤشر تشخيصي
مفيد لأن الغشي نادراً ما يسبب مثل هذا الذعر
عند المشاهدين. قد لا يحدث الطور المقوي أو
الرمعي عند المرضى وقد لا تحدث الزرقة ولا
يعضون على لسانهم. ومع ذلك فإن التخليط ما
بعد النشبة Post-Ictal Confusion أو الصداع
وفترة الفتور اللاحقة و/أو التخليط تشاهد
عادة وهذا مفيد في تفريق الاختلاجات عن الإغماء.
إن النوب غير الصرعية نفسية المنشأ Psychogenic
(الاختلاجات الكاذبة Pseudo-Seizures) قد
تترافق مع اهتزازات مثيرة في الأطراف وتقوس
في الظهر لكن ذلك لا يتلوه عادة نفس الدرجة
من التخليط التالي للنشبة ولا يسبب الزراق.
b. الاختلاجات الجزئية
المعقدة Complex partial seizures:
قد تسبب الاختلاجات الجزئية نوباً من تبدل
الوعي دون أن ينهار المريض على الأرض خاصة
إذا نشأت هذه النوب من الفص الصدغي أو بشكل
أقل تواتراً من الفص الجبهي. وهذه النوب قد
يشار إليها بمصطلح الغشية Blackouts. يتوقف
المريض عما كان يعمله ويحملق بانشداه وغالباً
ما يقوم بحركات لعق للشفتين نظمية أو يقوم
بباقي السلوكيات التلقائية بتصرفات تلقائية
Automatisms أخرى مثل نزع الملابس وبعد عدة
دقائق يعود المريض إلى وعيه لكنه قد يكون
في البداية مشوشاً Muddled مع الشعور بالنعاس
Drowsy.
قد يذكر المريض قبل النوبة مباشرة تبدلات
في المزاج والذاكرة والإدراك Perception مثل
الاعتياد المفرطالتآلف الزائد (أشياء سبقت
رؤيتها Déjà vu) أو التوهم Unreality (أشياء
لم يسبق رؤيتها Jamais Vu) والهلوسات المعقدة
الصوتية والشمية والذوقية والبصرية والتغيرات
الانفعالية (الخوف، التهيج الجنسي) أو الإحساسات
الحشوية (الغثيان، عدم الارتياح الشرسوفي).
إذا حدثت هذه التبدلات المتعلقة بالذاكرة
أو الإدراك دون تغير لاحق في الوعي مفنقول
إن الاختلاج جزئي بسيط.
c. اختلاجات الغيبوبة
Absence seizures:
هو نمط من الاختلاج الصغير يشابه الاختلاج
المعقد الجزئي الذي يحدث في صرع الغيبوبة
المعمم في الطفولة الذي يعرف باسم الصرع الصغير
Petit Mal. تكون النوب في الصرع الصغير أقصر
مدة عادة وأكثر تواتراً بكثير (حتى 20-30
مرة يومياً) من الاختلاجات المعقدة الجزئية
ولا تترافق مع التخليط عقب النشبة Post-Ictal.
تنجم نوب الغيبة الغيبوبة عن تفريغ معمم لا
ينتشر خارج نصفي الكرة المخية ولذلك لايسبب
فقداً للوضعة.
d. الاختلاجات الحركية
الجزئية Partial motor seizures:
إن النشاط الصرعي الذي ينشأ في التلفيف أمام
المركزي يسبب اختلاجات حركية جزئية تؤثر على
الوجه أو الذراع أو الجذع أو الطرف السفلي
في الجهة المقابلة. وتتميز الاختلاجات بالنفضان
النظمي Rhythmical Jerking أو التشنج الثابت
في الأجزاء المتأثرة. قد تبقى الاختلاجات
موضعة في جزء واحد أو قد تنتشر لتشمل كامل
الجانب. تبدأ بعض النوب في جزء واحد (مثلاً
الفم أو الإبهام أو إصبع القدم الكبير..الخ)
وتنتشر بالتدريج، ويدعى ذلك بالصرع الجاكسوني
Jacksonian Epilepsy. تختلف النوب في مدتها
من عدة ثوان إلى عدة ساعات. قد تترك النوب
المديدة خزلاً Paresis في الطرف المصاب يستمر
لعدة ساعات بعد توقف الاختلاج (شلل تود Todd's
Palsy).
e. الاختلاجات الحسية
الجزئية Partial sensory seizures:
تسبب الاختلاجات التي تنشأ في القشر الحسي
نخزاً غير مستحب أو إحساسات كهربية Electric
في الجهة المقابلة من الوجه أو الأطراف. قد
يحدث الانتشار وفق نمط يشبه الاختلاج الجاكسوني،
وينتشر الحس الشاذ في الجسم خلال ثوان بشكل
أسرع بكثير من سير النوبة الحسية البؤرية
للشقيقة التي تنتشر خلال 10-15 دقيقة.
f. الاختلاجات المعاكسة
Versive seizures:
قد تصيب بؤرة صرعية جبهية ساحة العين الجبهية
مسببة انحرافاً قسرياً في العينين إلى الجهة
المعاكسة. ويصبح هذا النوع من النوبات غالباً
معمماً إلى الاختلاج المقوي الرمعي.
g. الاختلاجات البصرية
الجزئية Partial visual seizures:
تسبب البؤر الصرعية القذالية هلوسات بصرية
بسيطة مثل كرات الضوء أو أنماط من الألوان.
أما الهلوسات البصرية المتكونة من الوجوه
أو المناظر فتنشأ من الأمام من الفصين الصدغيين.
3. العوامل المحرضة للاختلاجات
Factors Precipitating Seizures:
يمكن في بعض الأحيان التعرف على عوامل محرضة
نوعية. وقد تم سرد بعض هذه العوامل في (الجدول
9).
الجدول 9: العوامل المحرضة لحدوث
الاختلاجات.
|
·
الحرمان من النوم.
·
الكحول (خاصة سحب الكحول).
·
إدمان الأدوية المنعشة.
·
الإجهاد الفيزيائي والعقلي.
·
الأضواء الوامضة بما فيها
شاشات الحاسوب والتلفاز (الصرع المعمم
الأولي فقط).
·
الأخماج العارضة والاضطرابات
الاستقلابية.
·
من العوامل غير الشائعة:
الضجيج العالي والموسيقا والقراءة والحمامات
الساخنة.
|
ديفيدسون Davidson's
طباعة
ارسال