إن الأعراض الحسية شائعة
جداً لكنها لا تدل دوماً على اضطراب في الجهاز
العصبي، على سبيل المثال إن النخرز Tinglingفي
الأصابع في كلتا اليدين وحول الفم يشير بشكل
شائع إلى فرط التهوية أو في حالات نادرة جداً
إلى نقص كالسيوم الدم. إن دقة وصف المريض
للاضطرابات الحسية متنوعة جداً ولا بد من
توفر المهارة للتمحيص في القصة السريرية من
أجل فهم الشكاوى من الناحية التشريحية والفيزيولوجية
المرضية.
إن الأذية في السبل العصبية الواردة التي
تنقل حسي اللمس والألم تؤدي لحدوث حس سلبي
هو النمل Numbness أو أعراض إيجابية مثل المذل
Paraesthesia والألم. وعند وجود خلل في وظيفة
الآليات المخية للحس الجسدي فقد يحدث تشوه
في إدراك المريض للوجود الكلي أو الحقيقي
لجزء الجسم الموافق.
المقاربة التشخيصية للمريض
المصاب بأعراض حسية:
A DIAGNOSTIC APPROACH TO THE PATIENT WITH
SENSORY SYMPTOMS:
إن أكثر المظاهر المفيدة في القصة المرضية
هو التوزع التشريحي وطريقة بداية النمل (الاخدرار)
أو المذل أو الألم. ويمكن تمييز نماذج معينة
لبداية الأعراض الحسية. على سبيل المثال قد
تتكون الأورة في نوبة الشقيقة من جبهة Front
من المذل الناخز يليها حدوث النمل الذي يستغرق
20-30 دقيقة حتى ينتشر على أحد نصفي الجسم
بما فيه نصف اللسان (يقسم اللسان).
من جهة أخرى إن فقد الحس الناجم عن آفة وعائية
سوف يحدث في كامل منطقة الآفة بشكل فوري.
إن المذل المزعج النادر المشاهد في الصرع
الحسي يصيب جهة واحدة من الجسم خلال ثوان.
أما النمل والمذل في آفات الحبل الشوكي فيصعدان
غالباً في طرف سفلي واحد أو الطرفين إلى مستوى
معين على الجذع خلال ساعات أو أيام.
قد تكون الأعراض الحسية من النخز والنمل ذات
منشأ وظيفي أو غير عضوي وذلك كتظاهرة للقلق
أو جزء من اضطراب التحويل Conversion Disorder،
وفي هذه الحالات فإن نمط الأعراض الحسية لا
يتطابق مع توزع تشريحي معروف أو لا يتوافق
مع أي نمط معروف للإصابة الحسية في أي مرض
عضوي. وكما هو الحال مع الضعف (اأنظر سابقاً)
يجب الانتباه جيداً لتجنب التشخيص الخاطئ
للضعف الحسي العضوي غير الاعتيادي على أساس
أنه اضطراب وظيفي.
يجب مقاربة فحص الجهاز الحسي بعناية لأنه
من السهل الحصول على نتائج إيجابية كاذبة
مشوشة بسبب الطبيعة الشخصية للفحص العصبي
التي لا مفر منها. ومع ذلك فإن توزع فقد الحس
والخلل المرافق في وظيفة الأعصاب القحفية
و/أو الحركية قد يمكنان من كشف نموذج معين
لفقد الحس مفيد تشخيصياً.
أنماط اضطراب الحس
(اأنظر الشكل 15).
 |
الشكل
15 (اضغط على الشكل للتكبير): أنماط فقد الحس.
A. اعتلال
الأعصاب المحيطية المعمم.
B. الجذور الحسية.
C. آفة وحيدة في العمود الظهري
(فقد حس الاستقبال العميق وبعض اللمس).
D. آفة
مستعرضة في الحبل الشوكي الصدري.
E. آفة
حبلية وحيدة الجانب (براون-سيكوارد):
خلل في العمود الظهري (والحركة) في الجهة
الموافقة مع خلل مهادي شكي شوكي في الجهة
المقابلة .
F. آفة
مركزية في الحبل الشوكي: يكون الفقد المهادي
الشوكي بتوزع "الكاب Cape".
G. آفة
في منتصف جذع الدماغ، فقد الحس الوجهي
في الجهة الموافقة مع فقد الحس في الجسم
أسفل الرأس في الجهة المقابلة.
H.
آفة في نصف الكرة المخية (وطائية): فقد
الحس في الوجه والجسم بعكس جهة الآفة.
|
1.
آفات الأعصاب المحيطية:
تكون الأعراض عادة في آفات العصب المحيطي
هي فقد الحس والمذل البسيط (الإبر والدبابيس).
إن الآفات في عصب محيطي وحيد سوف تسبب كما
هو متوقع اضطراباً في التوزع الحسي لذلك العصب.
أما في الاعتلالات العصبية المنتشرة فإن العصبونات
الأطول هي التي تصاب أولاً مما يعطي توزع
(القفازات والجوارب) المميز.
إذا كانت ألياف العصب الصغيرة هي المصابة
بشكل تفضيلي (كما هو الحال مثلاً في اعتلال
الأعصاب الكحولي) فإن حس الحرارة والألم (وخز
الدبوس) يفقدان في حين قد تستثنىي الأحاسيس
التي تنقلها الأعصاب الحسية الأكبر (حس الاهتزاز
ووضعية المفصل).
من جهة أخرى فإن الأعصاب الحسية الأكبر تصاب
بشكل خاص إذا كان اعتلال الأعصاب من النوع
المزيل للميالين (مثال متلازمة غيلان-باريه).
2. آفات الجذور العصبية Nerve Root Lesions:
غالباً ما يكون الألم مظهراً لآفات الجذور
العصبية ضمن الشوك Spine أو الضفائر العصبية
في الطرف. يتم الشعور بالألم غالباًَ في العضلات
المعصبة بالجذر العصبي أي في القطاع العضلي
Myotome أكثر من القطاع الجلدي Dermatome.
يمكن استنتاج مكان الآفة في الجذر العصبي
من النمط القطاعي الجلدي لفقد الحس رغم أن
هذا غالباً ما يكون أصغر مما يمكن توقعه بسبب
تراكب المناطق الحسية.:
3. آفات الحبل الشوكي
Spinal Cord Lesions:
تصعد المعلومات الحسية الجسدية الواردة من
الأطراف إلى الجهاز العصبي عبر جهازين تشريحيين
منفصلين وإن التفريق في أي من هذين الجهازين
تقع الإصابة له فائدة تشخيصية غالباً (اأنظر
الشكل 16).
 |
الشكل
16: السبل الحسية الجسدية الرئيسية. |
إن الألياف الواردة
من أعضاء استقبال الحس العميق والألياف المتواسطة
باللمس الدقيق (بما فيها الاهتزاز) تدخل الحبل
الشوكي عند القرن الخلفي وتمر دون أن تتشابك
إلى العمود الخلفي في الجهة الموافقة. أما
الألياف التي تنقل المعلومات الحسية عن الألم
والحرارة فإنها تتشابك مع عصبونات الرتبة
الثانية التي تعبر الخط المتوسط في الحبل
الشوكي قبل أن تصعد في السبيل الشوكي المهادي
الأمامي الوحشي في الجهة المعاكسة إلى جذع
الدماغ.
تؤدي الآفات المستعرضة
Transverse في الحبل الشوكي إلى فقد كل الأحاسيس
تحت ذلك المستوى القطعي رغم أنن المستوى الذي
يتحدد سريرياً قد يختلف بـ2-3 قطع. وفي غالب
الأحيان يكون في أعلى منقطة زوال الحس شريط
من المذل أو فرط الحس Hyperaesthesia. إذا
كان منشأ الآفة المستعرضة وعائياً (كأن تكون
ناجمة مثلاً عن خثار الشريان الأمامي الشوكي)
فإن الثلث الخلفي للحبل الشوكي (وبالتالي
أحاسيس العمود الظهري) قد تكون مستثناة من
الإصابة.
إن الآفات التي تؤذي جهة واحدة في الحبل الشوكي
سوف تؤدي لحدوث الفقد الحسي لكل الأحاسيس
الشوكية المهادية (الألم والحرارة) في الجهة
المعاكسة وأحاسيس العمود الظهري (الاهتزاز
ووضعية المفصل) في نفس جهة الآفة. ويشاهد
هذا النمط في متلازمة براون-سيكوارد Brown-Sequard
Syndrome.
إن الآفات في مركز الحبل الشوكي (مثل تكهف
النخاع Syringomyelia) تعف عن العمودين الظهريين
لكنها تصيب الألياف الشوكية المهادية التي
تعبر Cross الحبل الشوكي من كلا الجانبين
وتكون الإصابة على طول المنطقة التي تشغلها
الآفة فقط، ولهذا السبب يكون فقد الحس افتراقياً
Dissociated (من حيث الأحاسيس المصابة) ومعلقاً
Suspended (لأن القطع فوق وتحت الآفة تكون
مستثناة من الإصابة). ويترافق ذلك غالباً
مع زوال المنعكسات إذا كانت الألياف الواردة
للقوس الانعكاسية ضمن النخاع مصابة.
قد يصاب العمود الظهري لوحده خاصة في التصلب
المتعدد، ويؤدي ذلك إلى شعور بالضيق مزعج
مميز في الطرف المصاب مع فقد استقبال الحس
العميق الذي قد يؤثر بشدة على وظيفة الطرف
دون أي إصابة لحس الحرارة أو الألم.
4. آفات جذع الدماغ:
إن عصبونات الرتبة الثانية Second-Order في
الحبل الظهري من الجهاز الحسي تعبر الخط المتوسط
في القسم العلوي من البصلة لتصعد إلى جذع
الدماغ. وفي جذع الدماغ تتوضع هذه العصبونات
مباشرة إلى الأنسي من السبيل المهادي الشوكي
(الذي يكون قد تصالب للتو). ولذلك فإن آفات
جذع الدماغ تسبب فقداً حسياً لكل الأحاسيس
في الجهة المقابلة من الجسم، أما فقد الحس
في الوجه الناجم عن آفات جذع الدماغ فيعتمد
على تشريح ألياف مثلث التوائم ضمن جذع الدماغ.
فالألياف الواردة من القسم الخلفي للوجه (قرب
الأذنين) تهبط ضمن جذع الدماغ إلى القسم العلوي
من الحبل الشوكي قبل أن تتشابك ثم تعبر عصبونات
الرتبة الثانية الخط المتوسط وتصعد بعد ذلك
مع الألياف المهادية الشوكية. أما الألياف
التي تنقل الحس من المناطق الأمامية للوجه
فإنها تهبط مسافة أقصر ضمن جذع الدماغ ولهذا
فإن فقد الحس في الوجه الناجم عن آفات جذع
الدماغ المنخفضة يأخذ توزع "خوذة البالاكافا
Balaclava Helmet" ("وهي قبعة صوفية تغطي
كامل الرأس وتحيط بالعنق)" لأن ألياف مثلث
التوائم التي تهبط مسافة أطول ضمن جذع الدماغ
هي التي تكون مصابة.
5. آفات نصف الكرة المخية:
ينتهي العمودان الظهريان والسبيلان الشوكيان
المهاديان في المهاد ومن هناك يرسلان إلى
القشر الجداري عبر المحفظة الداخلية، ولهذا
السبب فإن آفات نصفي الكرة المخية تؤثر على
كل أنواع الحس.
يمكن للآفات المنفصلة في المهاد (كما يمكن
أن يحدث في السكتات الجوبية Lucunar الصغيرة)
أن تسبب فقداً للحس في كامل نصف الجسم في
الجهة المقابلة. يجب أن تكون الآفات في القشر
الحسي صغيرة جداً ,(وبالتالي تؤثر على منطقة
محدودة فقط). لتجنب إصابة السبل الحركية الأعمق
في نصفي الكرة المخية.
يحدث في آفات القشر الجداري الكبيرة (كما
هو الحال في السكتات الكبيرة) فقد شديد لاستقبال
الحس العميق وحتى للإدراك الواعي لوجود الطرف
(الأطراف) المصابة. وقد يكون من المستحيل
تمييز فقد الوظيفة الناجم في الطرف عن الشلل.
الألم
Pain
إن إدراك الألم معقد
ويرتبط جزئياً فقط بنشاط العصبونات المستقبيلة
للأذية Nociceptor Neurons (اأنظر الشكل 17).
 |
الشكل
17: جهاز إدراك الألم. |
يكون عصبون الرتبة الثانية
Secongd-Order للسبيل المهادي الشوكي عرضة
للتعديل Modulation في القرن الخلفي للحبل
الشوكي بواسطة عدد من التأثيرات إضافة إلى
تشابكه مع الألياف من مستقبلات الأذية، كذلك
فإن فروعاً من ألياف المستقبلات الميكانيكية
Mechanoceptor الأكبر المتوجهة للعمود الخلفي
تتشابك أيضاً مع عصبونات شوكية مهادية من
الرتبة الثانية ومع عصبونات متوسطة Interneurons
في المادة الرمادية للقرن الخلفي.
تحرر العصبونات المستقبلة
للأذية إضافة إلى النواقل الاستثارية Excitatory
عدداً من النواقل العصبية الأخرى (مثل المادة
P) التي تؤثر على قابلية العصبونات المهادية
الشوكية للاستثارة. كذلك فإن العصبونات في
القرن الخلفي عرضة أيضاً للتعديل من الألياف
النازلة من المادة الرمادية حول المسال Peri-Aquenductal
ونوى الرفاء Raphe Nuclei في البصلة.
تتفعل عصبونات هذا الجهاز "التسكيني النازل
Descending Analgesia System" بواطسطة ببتيدات
أفيونية (الإندورفين) داخلية المنشأ. ولهذا
السبب فإن القرن الخلفي للحبل الشوكي أكثر
من مجرد محطة في طريق نقل المعلومات الحسية
الألمية، فهو عضةو معقد لدخول وتعد\يل المعلومات
الوراردة من المنبهات الألمية قبل صعودها
في السبيل المهادي الشوكي. يتأثر إدراك الألم
في الدماغ البيني أيضاً بالاتصالات البينية
Interconnection الغزيرة بين المهاد والجهاز
الحوفي Limbic System.
الألم الاعتلالي العصبي
Neurophathic Pain:
يوجد نمطان رئيسيان للألم هما ألم الأذية
Nociceptive Pain الذي ينشأ من حدثية مرضية
في جزء من الجسم والألم الاعتلالي العصبي
الذي ينجم عن خلل وظيفة جهاز إدراك الألم
ذاته.
إن اللألم الاعتلالي العصبي مظاهر مميزة ويوصف
بأنه إحساس مذلي Paraesthetic حارق مستمر
مزعج. وهناك غالباً حساسية زائدة للمس Touch
بحيث أن اللمسات الخفيفة الناعمة تسبب ألماً
حاداً (فرط حس الألم Hyperpathia).
ويبدو أن المنبهات المؤلمة تأتي من منطقة
أكبر من المنطقة التي تم لمسها وقد تحدث هبات
Bursts عفوية من الألم. قد يتم إثارة إدراك
الألم بواسطة المنبهات من الحواس الأخرى مثل
الأصوات العالية (الألم المغاير Allodynia)
وهو يتأثر بشكل هام بالتأثيرات الانفعالية.
تشاهد أشيع متلازمات الألم الاعتلالي العصبي
في الحالات التي توجد فيها أذية جزئية في
الأعصاب المحيطية (الحُراق Causalgia) أو
في العصب مثلث التوائم (الألم العصبي التالي
للهربس) أو في المهاد.
إن معالجة هذه المتلازمات صعبة للغاية. وقد
تساعد الأدوية التي تعدل أجزاء مختلفة من
جهاز استقبال الأذية مثل الكاربامازبين أو
ثلاثيات الحلقة أو الفينوتيازينات لكن ذلك
يكون جزئياً فقط.
إن المحاولات الجراحية العصبية لمقاطعة سبل
الألم المختلفة تنجح أحياناً لكنها غالباً
ما تزيد الخلل الحسي وقد تسيء إلى الحالة،
وقد أحرز زرع المنبهات الكهربية نجاحاً في
بعض الأحيان.
ديفيدسون Davidson's
طباعة
ارسال