إلى الآن لم
نتمكن من تحديد أسباب معظم الاضطرابات الداخلية المنشأ التي تصيب العضلة
القلبية، ولذلك نعتمد في وصفها ودراستها على تصنيفها الوظيفي (وليس السببي)
(انظر الشكل 101).
I. اعتلال العضلة القلبية التوسعي DILATED CARDIOMYOPATHY:
تتظاهر هذه الحالة بتوسع وضعف تقلص البطين الأيسر (وأحياناً البطين
الأيمن). تزداد كتلة البطين الأيسر ولكن سماكة جدره تبقى طبيعية أو أنها قد
تنقص (الشكل 101). التبدلات النسجية مختلفة ولكنها تشمل ضياع عضلي ليفي
وتليف خلالي وارتشاحات بالخلايا T. يشمل التشخيص التفريقي الداء الإكليلي
والعديد من الاضطرابات النوعية التي تصيب العضلة القلبية (انظر لاحقاً)،
ويجب وضع تشخيص اعتلال العضلة القلبية التوسعي فقط بعد نفي هذه الحالات
الأخرى.
إن آلية نشوء المرض غير واضحة ولكن ربما يشمل هذا المرض مجموعة مختلفة من
الحالات. ويبدو أن الكحول عامل سببي مهم عند جزء مهم من المرضى. ولقد وجد
أن 25% على الأقل من الحالات تورث على شكل خلة جسمية قاهرة ولقد حددت عدة
طفرات أصابت مورثة واحدة كانت مسؤولة عنه، وإن معظم هذه الطفرات تؤثر على
البروتينات في الهيكل الخلوي للخلية العضلية (مثل ديستروفين، لامين A و C،
إيميرين وميتافينكيولين) والعديد من الحالات قد ترافقت مع اضطرابات عضلية
هيكلية طفيفة.
 |
الشكل 101: أنماط اعتلال العضلة القلبية.
A: طبيعي.
B: اعتلال
عضلة قلبية ضخامي: ضخامة حجابية غير متناظرة ASH مع حركة انقباضية أمامية
للدسام التاجي SAM تسبب قلساً تاجياً وانسداداً ديناميكياً في مخرج البطين
الأيسر.
C: اعتلال العضلة القلبية الضخامي: ضخامة متراكزة.
D: اعتلال عضلة قلبية ضخامي: ضخامة قمية.
E: اعتلال عضلة قلبية توسعي.
F: سوء تنسج البطين الأيمن المولد لاضطرابات النظم.
G: اعتلال العضلة القلبية الساد.
H: اعتلال العضلة القلبية الحاصر. |
ولحد أبعد من ذلك فقد وجد أن معظم الحثول العضلية الهيكلية المرتبطة بالجنس
(مثل حثل بيكر و دوشن)، تترافق مع أمراض قلبية. أخيراً يعتقد أن الارتكاس
المناعي الذاتي المتأخر تجاه التهاب العضلة القلبية الحموي هو سبب رئيسي
لحدوث اعتلال العضلة القلبية التوسعي عند مجموعة كبيرة من المرضى. ويعتقد
أن آلية مشابهة هي المسؤولة عن أمراض العضلة القلبية التي تحدث عند 10% من
المرضى المصابين بالإنتان المتقدم بعوز المناعة المكتسب.
يحدث اعتلال العضلة القلبية التوسعي العرضي في أوربا وأمريكا الشمالية
بنسبة حدوث 20 مريض لكل 100000 نسمة ونسبة شيوع 38 مريض لكل 100000 نسمة
وهو يصيب الرجال بنسبة أكثر من الضعفين عن النساء. يراجع معظم المرضى
بأعراض قصور القلب أو تكشف الحالة مصادفة خلال الفحص الروتيني.
إن اللانظميات والانصمام الخثاري والموت المفاجئ كلها مظاهر شائعة وقد تحدث
في أية مرحلة من مراحل المرض. إن الألم الصدري المتقطع عرض متواتر بشكل
مدهش. يظهر تخطيط القلب الكهربي تبدلات لانوعية، ويفيد تصوير القلب بالصدى
في إثبات التشخيص. الهدف من العلاج هو ضبط قصور القلب الناجم عن الاعتلال.
رغم أن بعض المرضى يبقون بحالة جيدة لعدة سنوات فإن الإنذار يختلف من حالة
لأخرى وقد يستطب زرع القلب.
II. اعتلال العضلة القلبية الضخامي HYPERTROPHIC CARDIOMYOPATHY:
يعد أشيع شكل من أشكال اعتلال العضلة القلبية بنسبة تواتر تعادل 100 مريض
لكل 100000 نسمة، وهو يتميز بضخامة غير ملائمة وواسعة تتناول البطين الأيسر
وبسوء اصطفاف الألياف العضلية القلبية. قد تكون الضخامة معممة أو محصورة
بشكل أساسي ضمن الحاجز بين البطينين (ضخامة حاجزية لا متناظرة، انظر الشكل
101) أو ضمن مناطق أخرى (اعتلال العضلة القلبية الضخامي القمي، شائع في
الشرق الأقصى).
قد يتطور قصور قلب نتيجة إعاقة الامتلاء البطيني خلال الانبساط بسبب أن البطينات قاسية وغير مطاوعة.
يمكن لضخامة الحجاب بين البطينين أن تسبب انسداداً ديناميكياً في مخرج
البطين الأيسر (اعتلال عضلة قلبية ضخامي ساد HOCM) وقلساً تاجياً ناجماً عن
الحركة الأمامية الانقباضية الشاذة للوريقة التاجية الأمامية. إن الأعراض
المرتبطة بالجهد (الخناق وضيق النفس) واللانظميات والموت المفاجئ هي
المشاكل السريرية المسيطرة.
هذه الحالة هي اضطراب وراثي ينتقل بخلة جسمية قاهرة مع درجة عالية من
النفوذية ودرجة مختلفة من التعبير. في معظم الحالات يبدو أن المرض ناجم عن
طفرة نقطية مفردة في إحدى الجينات التي تنظم وتضبط عملية تصنيع بروتينات
القسيم العضلي القلوصية. يوجد ثلاث مجموعات من الطفرات مع أنماط ظاهرية
مختلفة.
تترافق طفرات السلسلة الثقيلة Beta-myosin مع ضخامة بطينية واسعة. تترافق
اضطرابات التروبونين مع ضخامة خفيفة وأحياناً معدومة ولكن مع اضطراب في
ترتيب الألياف العضلية القلبية، ومع استجابة وعائية شاذة (مثل انخفاض الضغط
المحرض بالجهد) وخطورة عالية للتعرض للموت المفاجئ. تميل طفرات البروتين C
الرابط للميوزين للظهور في مرحلة متأخرة من الحياة وتترافق غالباً مع
ارتفاع التوتر الشرياني واللانظميات.
إن الأعراض والعلامات هنا مشابهة لتلك الناجمة عن التضيق الأبهري باستثناء
أن النبض الشرياني يكون نفضياً في الاعتلال الضخامي (انظر الجدول 100).
الجدول 100: المظاهر
السريرية لاعتلال العضلة القلبية الضخامي.
|
الأعراض:
|
·
خناق جهدي.
·
زلة تنفسية.
|
·
غشي جهدي.
·
موت مفاجئ.
|
العلامات:
|
·
النبض النفضي*.
·
فرط ضخامة بطينية يسرى
مجسوسة.
·
دفعة مضاعفة عند القمة
(صوت قلبي رابع مجسوس ناجم عن ضخامة الأذينة اليسرى).
·
نفخة بمنتصف الانقباض عند
قاعدة القلب*.
·
نفخة شاملة للانقباض عند
القمة (ناجمة عن القلس التاجي).
|
*هي علامات انسداد مخرج البطين الأيسر التي قد تتفاقم بالوقوف (نقص
العود الوريدي) أو بإعطاء مقويات القلوصية وموسعات الأوعية مثل النترات تحت
اللسان.
|
عادة يكون تخطيط القلب غير طبيعي، وقد يظهر
علامات ضخامة البطين الأيسر مع طيف واسع من الاضطرابات الغريبة غالباً
(نموذج الاحتشاء الكاذب، انقلاب الموجة T العميقة). إن تصوير القلب بالصدى
مشخص عادة، على كل حال قد يكون التشخيص صعباً في حال وجود سبب آخر لضخامة
البطين الأيسر (مثال: ارتفاع التوتر الشرياني، "التمارين الفيزيائية"، قلب
الرياضيين) ولكن في حالة الاعتلال الضخامي تكون الضخامة البطينية أكبر من
المتوقع. قد يمكن في المستقبل تسهيل التشخيص بالاعتماد على الفحوص الجينية.
التطور الطبيعي للمرض متبدل ولكن التدهور السريري يحدث ببطء غالباً. يبلغ
معدل المواتة السنوية الناجمة عن الموت المفاجئ (2-3%) عند البالغين و 4-6%
عند الأطفال واليفعان (انظر الجدول 101).
الجدول 101: عوامل الخطورة
المؤهبة للموت المفاجئ عند مرضى اعتلال العضلة القلبية الضخامي.
|
·
سوابق التعرض لتوقف القلب
أو لتسرع بطيني مستمر.
·
غشي متكرر.
·
نمط جيني خطر و/أو قصة
عائلية خطرة.
·
انخفاض توتر شرياني محرض
بالجهد.
·
نوب متعددة من تسرع القلب
البطيني العابر، كشف بواسطة التخطيط الجوال.
·
زيادة ملحوظة في ثخانة
جدار البطين الأيسر.
|
يحدث الموت المفاجئ
في الحالات النموذجية خلال بذل جهد
فيزيائي عنيف أو بعده مباشرة، وعلاوة على ذلك يعد اعتلال العضلة القلبية
الضخامي السبب الأشيع للموت المفاجئ عند الرياضيين الشباب. ويعتقد أن
اللانظميات البطينية مسؤولة عن العديد من هذه الوفيات.
يمكن لحاصرات بيتا ولضادات
الكالسيوم المبطئة للنبض (مثل فيراباميل) أن تساعد في إزالة الخناق وقد
تساهم أحياناً في منع حدوث نوب الغشي، على كل حال لا يوحد علاج دوائي ثبت
أنه يحسن الإنذار.
اللانظميات شائعة وتستجيب غالباً
للأميودارون. يفيد تركيب ناظم الخطا ثنائي الحجرة أو اللجوء للجراحة
(الاستئصال الجزئي للحاجز البطيني أو استبدال الدسام التاجي) عند مرضى
منتخبين، ولاسيما الذين لديهم انسداد في مخرج البطين. يجب تجنب الديجوكسين
وموسعات الأوعية لأنها تزيد شدة الانسداد عبر مخرج البطين.
قد يستفيد المرضى المعرضون للموت
المفاجئ بنسبة عالية (مثل أولئك الذين لديهم ثلاثة عوامل خطورة أو أكثر،
انظر الجدول 101) من زرع الجهاز القالب للنظم – المزيل للرجفان (ICD).
III. سوء تنسج البطين الأيمن المولد لاضطرابات النظم
ARRHYTHMOGENIC RIGHT VENTRICULAR DYSPLASIA:
في هذه الحالة نلاحظ أن بقعاً من
عضلة البطين الأيمن تستبدل بنسج شحمي وليفي (انظر الشكل 101 في الأعلى).
يورث هذا المرض على شكل خلة جسمية قاهرة وهو شائع بشكل خاص في بعض أجزاء
إيطالياً. يحدث في المملكة المتحدة بنسبة 10 مرضى لكل 100000 نسمة تقريباً.
المظاهر السريرية المسيطرة هي
اللانظميات البطينية والموت المفاجئ. يظهر تخطيط القلب الكهربي بشكل نموذجي
انقلاب الموجات T في الاتجاهات البركية اليمنى. إن التصوير بالرنين
المغناطيسي وسيلة تشخيصية مفيدة وهو يستخدم غالباً لسبر أقارب المريض من
الدرجة الأولى. يمكن للمرضى المعرضين لخطورة الموت المفاجئ بنسبة عالية أن
يستفيدوا من زرع قالب النظم – مزيل الرجفان
(ICD).
IV. اعتلال العضلة القلبية الماحي OBLITERATIVE VARDIOMYOPATHY:
يشمل المرض شغاف بطين واحد أو
الاثنين معاً. آلية نشوء المرض غير واضحة ولكن يبدو أن شكل من أشكال أذية
الشغاف تحرض الخثار والتليف الواسع الذي يمحو بشكل تدريجي الأجواف البطينية
(انظر الشكل 101 في الأعلى).
غالباً ما يصاب الدسام التاجي ومثلث
الشرف بالحدثية المرضية وقد يصبحان مصابين بالقلس. تشمل المظاهر المسيطرة
كلاً من قصور القلب والانصمام الجهازي والرئوي. في المناطق المعتدلة تُنسب
أذية الشغاف عادة إلى بعض أشكال كثرة الحمضات (مثل ابيضاض الدم بالحمضات،
متلازمة شيرغ ستراوس)، ولكن يبدو أن الحالة ليست كذلك بالنسبة لمرضى
المناطق المدارية حيث يمكن أن يكون هذا المرض مسؤولاً عن 10% من الوفيات
القلبية.
العلاج غير مُرْضي ونسبة الوفيات
مرتفعة (50% على مدى سنتين). ينصح بوضع المريض على علاج مميع ومضاد
للصفيحات، ويمكن للمدرات أن تساعد في علاج أعراض قصور القلب. يمكن للجراحة
(استبدال الدسام مثلث الشرف و/أو التاجي مع تقشير الشغاف) أن تفيد بعض
المرضى في حالات خاصة.
V. اعتلال العضلة القلبية الحاصر RESTICTIVE CARDIOMYOPATHY:
في هذه الحالة النادرة يحدث ضعف في
الامتلاء البطيني لأن البطينات تكون قاسية (انظر الشكل 101 في الأعلى)،
يؤدي ذلك إلى ارتفاع الضغوط الأذينية وفرط ضخامة فيهما وتوسع ثم تطور رجفان
أذيني. يعد الداء النشواني أشيع سبب لاعتلال العضلة القلبية الحاصر في
المملكة المتحدة.
على كل حال يمكن للأشكال الأخرى من
الأمراض الارتشاحية (مثل: أدواء خزن الغلايكوجين) والتليف حول الخلايا
العضلية مجهول السبب والشكل العائلي من اعتلال العضلة القلبية الحاصر، يمكن
لكل هذه الأمراض أن تتظاهر بهذا الداء.
يمكن للتشخيص أن يكون صعباً جداً
وقد يحتاج لتصوير القلب بالإيكو دوبلر المعقد أو للتصوير المقطعي المحوسب
أو للتصوير بالرنين المغناطيسي ولأخذ خزعة من الشغاف. العلاج عرضي والإنذار
سيئ عادة، وقد يستطب إجراء زرع قلب للمريض.
Davidson's 2002
طباعة
ارسال