• تناول وجبات الطعام بانتظام:
بداية، تبين أن تناول وجبات الطعام بانتظام طوال اليوم يحسن من أداء الدماغ.
إن
المصدر الأساسي للدماغ من الطاقة هو الغلوكوز (الموجود في الأطعمة الحاوية
على الكربوهيدرات مثل الخبز والأرز والمعكرونة والحبوب والبقول والفاكهة).
ولكن لا يستطيع الدماغ تخزين إلا كمية صغيرة من الغلوكوز في كل مرة.
وبالتالي، فإن تناول وجبات الطعام بانتظام يساعد في المحافظة على تزويد
الدماغ بحاجته من الطاقة.
وقد بينت العديد من الدراسات أن تناول
وجبة الفطور بانتظام أدى إلى نتائج أفضل عند الأطفال في سن المدرسة مقارنة
بالأطفال الذين لا يتناولون فطورهم.
• زيت السمك لتنشيط الدماغ:
لقد أوضحت دراسة حديثة كيف يمكن للحموض الدسمة طويلة السلسلة (أوميغا – 3) التي توجد في زيت الأسماك الدسمة أن تساعد في علاج مرض الزهايمر.
يجتاز الدماغ بين مرحلة الجنين والشباب مراحل تطور فكرية عديدة، وبالتالي فإن التغذية الصحيحة تعد أساسية لتزويد الدماغ بحاجاته المرتفعة من الطاقة.
الدماغ عضو غني بالدسم الذي يشكل نحو ثلثين من وزنه الجاف، وخاصة الدسم طويلة السلسلة ومتعددة عدم الإشباع. وتدخل هذه الدسم في أغشية خلاياه وتعتبر الحجر الأساس في نمو الدماغ الجيد. من أدوارها الرئيسية المحافظة على مرونة أغشية خلاياه وعلى قدرة خلاياه في إرسال إشارات على نحو فعال.
عند الحديث عن الآثار الإيجابية لتناول الحموض الدسمة طويلة السلسلة من أوميغا 3، فإن تناول الأسماك الدسمة أثناء الحمل مهم جداً للجنين، إذ ذكرت عدة دراسات العلاقة بين نمو الدماغ وتناول الحموض الدسمة الأساسية أثناء الحمل والسنوات الأولى من عمر الطفل.
بالتالي، يمكن للأمهات الحوامل التأكد من حصولهن على الحموض الدسمة طويلة السلسلة أوميغا 3 بتناولهن حصة من الأسماك الدسمة مرة في الأسبوع على الأقل، حتى يتلقى الجنين حاجاته من الحموض الدسمة طويلة السلسلة، فينمو على نحو جيد.
ولكي تحصل الأمهات النباتيات على حاجاتهن من هذه الحموض من مصدر آخر غير الأسماك يمكن تناول بذر الكتان والجوز.
يستمر تزويد الطفل من هذه الحموض الدسمة أثناء الرضاعة من حليب الأم. ولكن، لما كان هناك مشكلة تعرض الجنين للتسمم بالزئبق (إذ يمكن أن تحتوي عليه بعض الأسماك بكميات صغيرة) تُنصح الأمهات الحوامل والفتيات اللواتي يرغبن في الحمل عدم تجاوز حصتين من الأسماك الدسمة في الأسبوع (الحصة تعادل تقريباً 140غ).
إن الآثار الإيجابية لتناول الحموض الدسمة الطويلة السلسلة واضحة أيضاً عند الأطفال الأكبر سناً. فعلى سبيل المثال ربطت دراسة بين تناول الأمهات للحموض الدسمة الأساسية أثناء الحمل وبين نتائج مرتفعة في اختبارات الذكاء ومهارات التواصل عند أطفالهن في عمر سبع سنوات.
إذن كيف تساعد الحموض الدسمة الطويلة السلسلة أوميغا 3 في نمو الدماغ؟
وفقاً لعلماء جمعية الأبحاث الطبية فإن لهذه الحموض دور أساسي في نمو خلايا المخ عن طريق تأثيرها على نشاط syntaxin 3 (وهو عبارة عن بروتين صغير يدخل في تركيب الغشاء الخلوي، وهو يوجه نمو خلايا المخ).
• الأغذية ذات المشعر السكري المنخفض:
إضافة إلى ذلك، قارنت الدراسات بين تناول الأغذية الحاوية على سكريات ذات مشعر سكري مرتفع وتلك التي مشعرها السكري منخفض، وتأثير ذلك على حسن أداء الدماغ.
فعلى سبيل المثال، في دراسة تبادلية أُعطي 64 طالب في عمر 6-11 عاماً في الصباح فطوراً غني بحبوب ذات مشعر سكري مرتفع، وتبعه في اليوم التالي فطور من حبوب ذات مشعر سكري منخفض. ثم أُخضع الطلاب إلى سلسلة من الاختبارات المؤتمتة لفحص درجة التركيز وقوة الذاكرة، في اليومين، مرة قبل تناول الفطور، ومن ثم ثلاث مرات بعد تناول الفطور بفواصل زمنية مدتها ساعة.
فبينما كانت نتائج الطلاب تنخفض مع مرور الصباح، فإن هذا التردي في النتائج كان أقل بشكل ملحوظ عند الطلاب الذين تناولوا فطوراً من حبوب مشعرها السكري منخفض مقارنة بالذين تناولوا فطوراً من حبوب مشعرها السكري مرتفع.
ومنه نستنتج أن الأطعمة النشوية من مشعر سكري منخفض (مثل الخبز من الحبوب الكاملة والعصائد) يمكن أن ينتج عنها قدرات إدراكية أفضل لمدة زمنية طويلة.
• المعادن والفيتامينات:
إن المعادن الأساسية مثل الحديد والزنك والسيلينيوم إضافة إلى فيتامين فوليت وB12 لها دور في صحة نمو الدماغ والقدرات الإدراكية ومستويات الذكاء.
فعلى سبيل المثال، تبين وجود علاقة بين تناول
الحديد والقدرات الإدراكية. ومن مصادر الحديد اللحم الأحمر (مصدر غني)، البقول والمكسرات والفاكهة المجففة والحبوب الكاملة ومعظم الخضار الورقية الخضراء.
الزنك أساسي لتطور الإدراك. كما تبين أن عوز الزنك يؤثر سلباً على التركيز والسلوك النفسي العصبي. ذلك لأنه تبين في أثناء نمو المخ السريع والمراهقة وجود علاقة بين عوز الزنك وضعف الذاكرة والقدرة على التعلم.
إضافة إلى أن دراسة في مشروع أوربي كبير بينت علاقة بين مستوى الزنك في الخلايا والقدرات الإدراكية وتحمل الضغوط النفسية والاكتئاب. وتبين أن تناول الزنك بكميات مناسبة ضروري طوال الحياة، ويمكن الحصول على الزنك من تناول اللحم والقواقع والخبز ومنتجات الحبوب والحليب ومشتقاته مثل الجبن.
وتبين أن
للسيلينيوم، وهو من المعادن النادرة، دور في الوقاية من انخفاض القدرات الإدراكية، بفضل خصائصه المضادة للأكسدة التي تساعد في مكافحة شدة الأكسدة في الدماغ. من مصادر السيلينيوم البندق البرازيلي واللحم الأحمر والسمك والبيض.
وبينت بعض الدراسات علاقة بين قلة تناول
الفوليت (فيتامين ب) وضعف القدرات الإدراكية. ومن مصادر الفوليت الخضار الورقية الخضراء والحمضيات والخبز المدعم والحبوب.
وإن عوز فيتامين B12 ممكن أن يؤدي إلى تدهور أسرع في القدرات الإدراكية عند البالغين. المصادر الغنية لفيتامين B12 هي اللحم الأحمر والحليب والجبن والبيض.
• الأعشاب:
كثيراً ما تذكر وسائل الإعلام المختلفة فوائد تناول بعض الأعشاب لتحسين أداء المخ لوظائفه وتقوية الذاكرة.
هناك بعض الدلائل تؤكد فعالية تناول بعض أنواع الأعشاب على يقظة المخ وقوة الذاكرة والمزاج، مثل عشبة إكليل الجبل وغوتي كولا وجينكو بيلوبا، ولكن نفتقر إلى براهين كافية تؤكد فعالية هذه الأعشاب.
• الماء:
أخيراً، نتحدث عن حقيقة غالباً ما نغفلها عند حديثنا عن تنشيط الدماغ وأدائه، وهي ضرورية تزويده بحاجته من الماء، إذ يشكل الماء 80% من تركيب الدماغ، لذا فإنه من المهم جداً تزويده بحاجته منه لكون أولى مؤشرات عوزه للماء هي الشعور بالتعصيب وصعوبة في التركيز. وقد بينت بعض الدراسات علاقة سلبية بين التجفاف والقدرات الإدراكية.
• خاتمة:
نستنتج في النهاية أن تناول وجبات صحية مهم لنمو الدماغ وحسن أدائه، ولكن هناك بعض المبالغة في التأكيد على بعض المواد الغذائية.
المواد الغذائية التي تبين أنها تفيد الدماغ هي الحموض الدسمة أوميغا 3، والسكريات ذات المشعر السكري المنخفض، وفيتامين الفوليت وB12، ومعادن الحديد والزنك والسلينيوم.
من المثير معرفة أنه تبين أن لكثير من هذه المواد الغذائية تأثير أيضاً على المزاج. ولكن ما زالنا بحاجة إلى مزيد من الأبحاث في هذا المجال.
في النهاية نقول: للمحافظة على دماغ صحي لابد من تناول وجبات الطعام بانتظام وتزويد الجسم بحاجته من السكريات المعقدة والحموض الدسمة الأساسية والبروتينات والفيتامينات والمعادن والكثير من السوائل حتى لا يعاني الدماغ من أي تجفاف.
د. لينة موفق دعبول - اختصاصية في التغذية والحميات
طباعة
ارسال