يحدث نقص سكر الدم (غلوكوز الدم أقل من 3.5 ملمول/ل) غالباً عند المرضى
السكريين الذين يعالجون بالأنسولين وهو نادر نسبياً عند المرضى الذين
يتناولون دواء السلفونيل يوريا. ويعتبر نقص سكر الدم أهم عامل وحيد يحد من
الوصول إلى الهدف العلاجي وهو مستوى سكر الدم القريب من السوي Near-Normal
Glycaemia.
يعرف نقص سكر الدم الشديد بأنه نقص سكر الدم الذي يحتاج إلى مساعدة شخص آخر
حتى يشفى، وهو قد يؤدي إلى مراضة خطيرة (انظر الجدول 24) وتصل نسبة
الوفيات فيه إلى 2-4% عند المرضى المعالجين بالأنسولين. وإن الوفيات غير
المسجلة قد تكون أعلى من هذا الرقم بكثير. يحدث أحياناً الموت المفاجئ
أثناء النوم عند مرضى شباب أصحاء مصابين بالنمط 1 من الداء السكري (متلازمة
الموت في السرير Dead-in-Bed Syndrome)، وقد عزي ذلك إلى لانظميات قلبية
محرضة بنقص سكر الدم أو توقف التنفس الحاد مع ضعف تحسس المنعكس الضغطي
Baroreflex.
الجدول 24: مراضة نقص سكر الدم الشديد عند المرضى المصابين
بالداء السكري.
|
الجملة العصبية المركزية:
|
·
السبات.
·
الاختلاجات.
·
أذية
الدماغ.
|
·
ضعف
الوظيفة المعرفية.
·
تراجع
الذكاء.
·
نوب
الإقفار العابرة، السكتات.
|
القلب:
|
·
اللانظميات
القلبية.
|
·
إقفار
العضلة القلبية.
|
العين:
|
|
·
نزف
الزجاجي.
|
·
تفاقم
اعتلال الشبكية؟
|
أعراض أخرى:
|
·
نقص
الحرارة.
|
·
الحوادث
(بما فيها حوادث السير).
|
لا يجد المريض صعوبة في معظم الحالات في تمييز
أعراض نقص سكر الدم ويمكنه اتخاذ الإجراء الطبي المناسب. وصفت المظاهر
السريرية لنقص سكر الدم في الصفحة سابقاً.
ولكن في بعض الظروف (كما هو الحال أثناء النوم أو في فترات ضبط سكر الدم
الصارم) وعند أنماط معينة من المرضى (مثال المرضى المصابين بالنمط 1 من
الداء السكري منذ فترة طويلة) لا يدرك المريض العلامات المنذرة دائماً حتى
لو كان مستيقظاً وبالتالي لا يمكنه القيام بالإجراء المناسب ويحدث الاعتلال
العصبي بنقص السكر Neuroglycopenia مع نقص الوعي.
A. إدراك الأعراض Awareness of symptoms:
إن لنقص سكر الدم الشديد آثاراً
معطلة جداً تؤثر على العديد من جوانب الحياة عند المريض وتشمل التوظيف
وقيادة السيارة والرياضة.
إذا أعطي الأنسولين قصير التأثير
(الذواب) إلى شخص سوي فإن أعراض نقص سكر الدم تحدث عادة عندما يصل تركيز
غلوكوز الدم الشعري أو الوريدي إلى حدود 2.5-3 ملمول/ل (45-54 مغ/دل). أما
عند المرضى السكريين الذين لديهم فرط سكر الدم المزمن فإن نفس الأعراض قد
تتطور عند مستوى أعلى لغلوكوز الدم، وبالعكس فإن المرضى الذين لديهم ضبط
صارم لغلوكوز الدم (HbA1c ضمن المجال غير السكري) أو الذين يحدث لديهم نقص
سكر الدم بشكل متكرر قد لا تحدث لديهم أي أعراض حتى لو كان تركيز غلوكوز
الدم دون 2.5 ملمول/ل. وهذا الأمر تظاهرة للتكيف الدماغي مع تراكيز غلوكوز
الدم. إن اختلال الإدراك (المحرض بالمعالجة) لنقص سكر الدم قابل للإصلاح
عادة إذا تم تخفيف ضبط سكر الدم وتجنب نقص سكر الدم.
إن اختلال إدراك بداية أعراض نقص
سكر الدم وتبدل نموذج الأعراض يزداد حدوثهما بثبات مع طول مدة المعالجة
بالأنسولين، وإن 50% تقريباً من المرضى المصابين بالنمط 1 من الداء السكري
يصابون بهذه الحالة بعد 20 عاماً من المرض. وقد لا يكون هذا الشكل المزمن
من اختلال إدراك نقص سكر الدم قابلاً للإصلاح كما يزداد تواتر حدوث نقص سكر
الدم الشديد ستة أضعاف لذلك يجب تجنب المعالجة المكثفة بالأنسولين، كما
يجب عند الأشخاص المصابين تعديل الأهداف العلاجية العادية وإلزام المرضى
بمراقبة غلوكوز الدم الذاتية بشكل متكرر.
B. الاستجابات المنظمة المضادة Counter-regulatory responser:
تحدث استجابةً لانخفاض غلوكوز الدم
زيادةٌ طبيعية في إفراز الهرمونات المنظمة المضادة التي تعاكس تأثير
الأنسولين الخافض لغلوكوز الدم. ويعتبر الغلوكاغون والأدرينالين أكثر هذه
الهرمونات فعالية. يصبح إفراز الغلوكاغون المحرض بنقص سكر الدم ضعيفاً عند
معظم الأشخاص خلال 5 سنوات من تطور النمط 1 من الداء السكري، وبعد عدة
سنوات يتطور عند العديد أيضاً استجابة أدرينالين معيبة لنقص سكر الدم بحيث
قد تصبح عملية استعادة الغلوكوز للحالة السوية مثبطة بشكل خطير إذا تطور
نقص سكر الدم. قد يساهم الاعتلال العصبي المستقل في استجابة الأدرينالين
الناقصة. وإن الذين يطورون استجابات منظمة مضادة ناقصة قد يكون لديهم أيضاً
اختلال التفعيل المركزي للإفراز العصبي الغدي.
إن عوز التنظيم المضاد يتشارك مع
اختلال إدراك نقص سكر الدم مما يقترح وجود آلية إمراضية مشتركة في الدماغ.
تتبدل عتبات سكر الدم اللازمة لحدوث بداية الإفراز الهرموني وبداية تظاهر
الأعراض عند المرضى المصابين، أي أن غلوكوز الدم لا بد أن ينزل إلى مستوى
أكثر انخفاضاً حتى يحرض حدوث هذه الاستجابة.
C. الأسباب والوقاية Causes and prevention:
إن الأسباب الرئيسية لنقص سكر الدم
عند المرضى الذين يأخذون الأنسولين أو أحد أدوية السلفونيل يوريا مذكورة في
(الجدول 25).
الجدول 25:
أسباب نقص سكر الدم.
|
·
عدم
تناول الوجبة أو تأخر تناولها أو عدم كفايتها.
·
الجهد
غير المتوقع أو الجهد غير العادي.
·
الكحول.
·
أخطاء
في جرعة الأنسولين أو جرعة الدواء الفموي الخافض لسكر الدم أو أخطاء في الإعطاء
أو في برنامج الإعطاء.
·
النظام
السيئ للمعالجة بالأنسولين خاصة إذا كان مؤهباً لفرط أنسولين الدم الليلي.
·
ضخامة
الشحم.
·
الخزل
المعدي الناجم عن اعتلال الأعصاب المستقلة.
·
سوء
الامتصاص مثل الداء الزلاقي Celiac.
·
الإغراق.
·
وجود
اضطراب صماوي آخر غير مميز مثل داء أديسون.
·
نقص
سكر الدم الصنعي (المحرض عمداً).
|
يمكن إنقاص حدوث كل الأسباب الشائعة لنقص سكر
الدم عن طريق التثقيف الكافي للمريض. يحدث نقص سكر الدم المحرض بالجهد
(انظر الشكل 15) عند المرضى المصابين بالداء السكري المضبوط جيداً
المعالجين بالأنسولين لأن العامل الرئيسي في التكيف الطبيعي مع الجهد وهو
نقص إفراز الأنسولين داخلي المنشأ لا يحدث في هذه الحالة. يجب تعليم المرضى
القيام بتخفيض جرعة الأنسولين مسبقاً عند توقع حدوث جهد شديد أو مديد
(تختلف درجة التخفيض بشكل واسع بين المرضى لكنها غالباً ما تكون كبيرة)
وتناول المزيد من السكريات، كما يجب على كل المرضى الذين يعالجون
بالأنسولين أن يحملوا معهم دوماً أقراص الغلوكوز.
|
الشكل 15 (اضغط على الشكل للتكبير): تأثير الجهد عند المرضى السكريين الذين يعالجون بالأنسولين.
A: المرضى الذين لديهم ضبط جيد مع فرط أنسولين الدم.
B: المرضى اللامعاوضين مع نقص أنسولين الدم. |
من الصعب تأكيد حدوث نقص سكر الدم
الليلي عند المرضى المصابين بالنمط 1 من الداء السكري الذين يعالجون بشكل
تقليدي بنظام الحقن مرتين يومياً لكنه بالتأكيد عالي الحدوث. وبما أن نقص
سكر الدم الليلي لا يوقظ المريض من نومه عادة وبالتالي لا يتم إدراك
الأعراض المنذرة لذلك لا يكون مكشوفاً عادة، لكن يمكن بالاستجواب المباشر
للمريض أن يذكر قصة النوم السيئ والصداع الصباحي والانزعاج والتعب المزمن
والأحلام الناشطة أو الكوابيس. وقد يشاهد أحياناً أحد أقرباء المريض حدوث
التعرق (الذي قد يكون غزيراً) أو التململ أو النفضان أو حتى الاختلاجات عند
المريض وهو نائم. إن الطريقة الوحيدة الموثوقة لتأكيد التشخيص هي قياس
غلوكوز الدم أثناء الليل.
إن المشكلة الشائعة هي أن العديد من
أنظمة المعالجة بالأنسولين المستخدمة حالياً تؤدي إلى فرط أنسولين الدم
الليلي غير الملائم، وعندما يؤخذ أنسولين مدخر متوسط التأثير مثل الإيزوفان
قبل وجبة المساء الرئيسية بين الساعة 5-7 مساءً فإن ذروة تأثيره سوف
تتوافق مع فترة التحسس الأعظمي للأنسولين وبالتحديد بين الساعة 11 مساءً و2
صباحاً. كذلك فإن إعطاء الأنسولين قصير التأثير قبل وجبة المساء المتأخرة
سوف يسبب أيضاً نقص سكر الدم الليلي الباكر.
وتكون أوقات الخطر الأعظمي لنقص سكر
الدم الكيماوي الحيوي في نظام المعالجة (البلعة – القاعدي Basal-Bolus)
بين الساعة 11 مساءً و2 صباحاً وبين الساعة 5 و 7 صباحاً. ولإنقاص خطر نقص
سكر الدم الليلي يجب تأخير الجرعة المسائية من الأنسولين المدخر متوسط
التأثير حتى وقت النوم (بعد الساعة 11 مساءً) أو استخدام مضاهئ الأنسولين
سريع التأثير قبل وجبة المساء. ومن التنبيهات الهامة للمرضى هي أن يقوموا
بقياس غلوكوز الدم قبل ذهابهم للنوم وأن يتناولوا سكريات إضافية إذا كانت
النتيجة أقل من 6 ملمول/ل.
D. التدبير:
تعتمد معالجة نقص سكر الدم الحاد
على شدة نقص سكر الدم وعلى كون المريض واعياً وقادراً على البلع. قد تحتاج
المعالجة ببساطة إلى إعطاء السكريات الفموية إذا تم تمييز نقص سكر الدم
باكراً. أما إذا كان المريض البالغ غير قادر على البلع فيجب إعطاء الغلوكوز
وريدياً (30-50 مل من الدكستروز 50%) أو الغلوكاغون (1 ملغ حقناً عضلياً).
إن جرعة الدكستروز الوريدي الموصى بها عند الأطفال هي 0.2 غ/كغ. يمكن
تطبيق المحلول الهلامي اللزج التجاري داخل الجوف الفموي عند الأطفال ورغم
أن المربى أو العسل قد تكون فعاليتهما مماثلة لكن يجب عدم استخدامهما إذا
كان المريض فاقداً للوعي.
يجب إعطاء الغلوكوز فموياً حالما
يصبح المريض قادراً على البلع. قد لا يحدث الشفاء الكامل مباشرة ولا تكون
معاكسة الاختلال المعرفي كاملة إلا بعد 60-90 دقيقة من عودة غلوكوز الدم
إلى السواء. وعلاوة على ذلك يجب في حال حدوث نقص سكر الدم عند المريض الذي
يستخدم الأنسولين طويل أو متوسط التأثير أو السلفونيل يوريا طويل التأثير
مثل الغليبنكلاميد توقع احتمال حدوث نكس الحالة ولمنع ذلك قد يكون من
الضروري تسريب الدكستروز 10% مع معايرة الغلوكوز عند المريض.
يجب التفكير بتطور الوذمة الدماغية
عند المرضى الذين لا يستعيدون وعيهم بعد عودة غلوكوز الدم إلى السواء. كما
يجب نفي الأسباب الأخرى لنقص الوعي مثل التسمم الكحولي أو حالة ما بعد
النشبة أو النزف الدماغي. إن نسبة الوفيات والمراضة عالية في الوذمة
الدماغية لذلك تحتاج إلى معالجة إسعافية بالمانيتول أو الأكسجين بجرعة
عالية.
من المهم بعد الشفاء محاولة كشف
السبب والقيام بالتعديلات المناسبة على معالجة المريض، ويجب على المريض
إنقاص الجرعة التالية من الأنسولين بنسبة 20% إلا إذا كان سبب نوبة نقص سكر
الدم واضحاً، كما يجب عليه البحث عن المشورة الطبية حول التعديلات الأخرى
على الجرعة. إن تثقيف المريض حول المخاطر المحتملة لنقص سكر الدم المحرض
وكيفية معالجته بما فيها ضرورة وجود مصدر للغلوكوز (والغلوكاغون) يمكن
الوصول إليه مع مراقبة غلوكوز الدم بانتظام كل ذلك يعتبر أساس الوقاية من
هذا التأثير الجانبي الخطير للمعالجة. ويجب أن يكون أقرباء وأصدقاء المريض
أيضاً متآلفين مع أعراض وعلامات نقص سكر الدم ويجب أن يشرح لهم كيف يمكن
تدبيره (بما فيه كيفية إعطاء الغلوكاغون حقناً عضلياً).
ديفيدسون Davidson's
طباعة
ارسال