القصور الكلوي المزمن
Wednesday, April 4, 2012

يعرف القصور الكلوي المزمن بأنه تدهور لاعكوس في الوظيفة الكلوية يتطور كلاسيكياً على مدى سنوات. في البداية يتظاهر فقط كاضطراب كيماوي حيوي. لاحقاً يسبب فقدُ الوظائف الإطراحية والاستقلابية والغدية الصماوية للكلى تطور الأعراض والعلامات السريرية الخاصة بالقصور الكلوي والتي تنسب لما يعرف باسم حالة اليوريميا. وعندما يكون الموت محتملاً دون المعالجة المعيضة للكلية تسمى الحالة بالقصور الكلوي بمراحله النهائية (ESRF).

إن العقابيل الاجتماعية والاقتصادية الناجمة عن القصور الكلوي المزمن شديدة. في المملكة المتحدة ينضم 85-95 مريضاً جديداً من أصل كل مليون من السكان البالغين سنوياً، ينضمون إلى قائمة المرضى الذين يحتاجون للعلاج بالديلزة طويلة المدى (انظر الشكل 18). ولقد قدم توافرُ الديلزة وزرع الكلى تحسناً كبيراً في إنذار هؤلاء المرضى. إن القصور الكلوي المزمن يحدث بنسبة أعلى بكثير في المناطق الأخرى بسبب الاختلافات في نسبة حدوث الأمراض الناحية والعرقية وبسبب اختلاف مستوى الممارسة الطبية.

الشكل 18: وحدة الديلزة الدموية. 6 من أصل 19 محطة تحوي مزيجاً من كراسي وأسرة الديلزة في وحدة الديلزة الدموية الخارجية. كل محطة تعالج ثلاثة مرضى يومياً أي ستة مرضى بشكل كلي (يخضع المريض للديلزة 3 مرات أسبوعياً).

A. الأسباب:
قد ينجم القصور الكلوي المزمن عن أية حالة تخرب التركيب والوظيفة الطبيعيين للكلى. ولقد ذكرنا بعض الأسباب الهامة في (الجدول 15). يمكن وضع تشخيص افتراضي للشكل المزمن من التهاب كبيبات الكلية عند وجود بيلة بروتينية وبيلة دموية وارتفاع توتر شرياني مع غياب أي سبب آخر للقصور الكلوي، ولكن لا يمكن دائماً وضع التشخيص الدقيق. غالباً ما تكون الكليتان لدى المريض صغيرتين وفي هذه الحالة لا ينصح عادة بإجراء خزعة كلية بسبب صعوبة وضع تشخيص نسجي بناءً على فحص خزعةٍ من كلية متأذية بشدة وبسبب حقيقة أنّه لا يمكن للعلاج أن يحسن الوظيفة الكلوية بشكل ملحوظ.

الجدول 15: الأسباب الهامة للقصور الكلوي المزمن.

الأمراض

النسبة المئوية من القصور الكلوي بمراحله النهائية

ملاحظات

أمراض خلقية ووراثية:

5%.

مثل الكلية عديدة الكيسات، متلازمة ألبورت.

تضيق الشريان الكلوي:

5%.

-

ارتفاع التوتر الشرياني:

5-25%.

من غير الواضح فيما إذا كان هذا الاختلاف في النسبة ناجماً عن اختلافات عرقية أو اختلافات في معايير التشخيص.

الأمراض الكبية:

10-20%.

يعد اعتلال الكلى بالـIgA السبب الأشيع.

الأمراض الخلالية:

5-15%.

-

الأمراض الالتهابية الجهازية:

5%.

الذأب الحمامي الجهازي، التهاب الأوعية.

الداء السكري:

20-40%.

يوجد اختلافات كبيرة عرقية وقومية (النسبة الأعلى في الولايات المتحدة).

غير معروفة:

5-20%.

-

B. الإمراضيات:
تساهم اضطرابات توازن الماء والشوارد والحالة الحامضية - القلوية في إحداث الصورة السريرية عند مرضى القصور الكلوي المزمن. ولكن الآلية الإمراضية الدقيقة لمتلازمة اليوريميا السريرية غير معروفة. إن العديد من المواد الموجودة في البلازما بتراكيز غير طبيعية يتوقع لها أن تكون سموم يوريميائية، ولربما تنجم اليوريميا عن تراكم العديد من نواتج الاستقلاب الوسيطة.

C. المظاهر السريرية:
قد يكشف القصور الكلوي بوجود ارتفاع في تركيز البولة والكرياتينين المصلي خلال فحص مخبري روتيني، يترافق القصور الكلوي غالباً مع ارتفاع التوتر الشرياني أو البيلة البروتينية أو فقر الدم. عندما يتطور تدهورُ الوظيفة الكلوية بشكل بطيء نجد أن المريض قد يبقى لا أعراضياً إلى أن ينخفض معدل الرشح الكبي إلى 20 مل/ دقيقة أو أقل. إن البوال الليلي الناجم عن نقص قدرة الكلى على تكثيف البول وعلى زيادة حمل الكليون من الحمل التناضحي غالباً ما يكون عرضاً باكراً. لاحقاً ونتيجةً للتأثير الواسع الطيف الذي يحدثه القصور الكلوي قد تظهر الأعراض والعلامات المرتبطة غالباً بكل جهاز من أجهزة الجسم (انظر الشكل 19). قد يراجع المرضى أحياناً بشكاوى لا يظهر بوضوح أنها من منشأ كلوي مثل التعب أو ضيق النفس.

 الشكل 19 (اضغط على الشكل للتكبير): العلامات الفيزيائية في القصور الكلوي المزمن.
(* مظاهر المعالجة المعيضة للكلى).

في القصور الكلوي بمراحله النهائية (تصفية الكرياتينين أقل من 5 مل/دقيقة) يبدو المريض عليلاً ومصاباً بفقر الدم. وليس من الضروري أن يكون حابساً للسوائل بل قد تظهر عليه علامات نضوب الحجم والصوديوم. قد يكون التنفس لديه عميقاً بشكل غير طبيعي بسبب إصابته بالحماض الاستقلابي (تنفس كوسماول) والقهم والغثيان. لاحقاً يصاب بالفواق والحكة والإقياء والنفضات العضلية ونوب الاختلاج والوسن والسبات.

1. فقر الدم:
إن فقر الدم شائع، وترتبط شدته عادة بشدة القصور الكلوي، وهو يساهم في إحداث العديد من الأعراض اللانوعية الناجمة عن هذا المرض. ينجم عن عدة آليات إمراضية هي:
ـ النقص النسبي في إنتاج الإريثروبيوتين.
ـ نقص إنتاج الكريات الحمر بسبب التأثيرات السمية التي تبديها اليوريميا على طلائع الكريات الموجودة في نقي العظم.
ـ انخفاض معدل حياة الكريات الحمر.
ـ زيادة الضياع الدموي نتيجة الهشاشة الوعائية الشعرية وضعف وظيفة الصفيحات.
ـ نقص الوارد من الحديد وبقية المواد المساهمة في تصنيع الدم وسوء امتصاصها.

عادة ما يكون تركيز الإريثروبيوتين المصلي طبيعياً ولكنه غير متناسب مع شدة فقر الدم (انخفاض نسبي). نلاحظ عند مرضى الكلى عديدة الكيسات أن فقر الدم غالباً ما يكون أقل شدة أو غائباً أحياناً، وبالمقابل نجد عند بعض المصابين بالأمراض الخلالية أن فقر الدم يكون شديداً جداً بشكل غير متناسب مع درجة القصور الكلوي، ربما تنجم هذه الظاهرة عن تأثيرات هذه الأمراض على الأرومات الليفية الخلالية التي تفرز الإريثروبيوتين.

2. الحثل العظمي كلوي المنشأ:
يتألف هذا الداء العظمي الاستقلابي الذي يرافق القصور الكلوي المزمن من مزيجٍ من تلين العظام والتهاب العظم المليف (الداء العظمي الناجم عن فرط نشاط جارات الدرق) وتخلخل العظام وتصلبها (انظر الشكل 20). ينجم تلين العظام عن انخفاض فعالية خميرة 1- الفا- هيدروكسيلاز الكلوية وبالتالي فشل تحويل كولي كالسيفيرول إلى مستقلبه الفعال 25,1- ثنائي هيدروكسي كولي كالسيفيرول. وإن عوز هذا الأخير يؤدي إلى ضعف امتصاص الكالسيوم ونقص كالسيوم الدم ونقص تكلس المادة العظمانية Osteoid. ينجم التهاب العظم المليف عن فرط نشاط جارات الدرق الثانوي. تتحرض الغدد جارات الدرق بانخفاض كلس المصل وبارتفاع تركيز الفوسفات. عند بعض المرضى يتطور فرط نشاط جارات درق ثالثي أو مستقل مترافق مع فرط كلس الدم. يحدث تخلخل العظم عند العديد من المرضى بسبب سوء التغذية (احتمال غير مثبت). يشاهد تصلب العظم بشكل رئيسي في المنطقة العجزية وعند قاعدة الجمجمة وفي الفقرات، إن سبب هذا الارتكاس غير الطبيعي غير معروف.

الشكل 20: الآلية الإمراضية للحثل العظمي الكلوي.

3. اعتلال العضلات:
ينجم الاعتلال العضلي المعمم عن مزيج من سوء التغذية وفرط نشاط جارات الدرق وعوز الفيتامين D واضطرابات استقلاب الشوارد. إن المعص العضلي شائع، وقد يستفيد المرضى من علاجهم بمحضر كينين سلفات. قد تكون متلازمة الأقدام المتململة (حيث تكون قدما المريض متهيجتين خلال الليل) مصدر إزعاج شديد للمريض، وهي تتحسن غالباً بالعلاج بمحضر كلونازيبام.

4. اعتلال الأعصاب:
ينجم هذا الاعتلال عن زوال النخاعين من الألياف المغمدة مع ملاحظة أن الألياف الأطول تتأثر بمرحلة أبكر من غيرها. قد يسبب اعتلال الأعصاب الحسية المذل. قد يتظاهر اعتلال الأعصاب الحركية بهبوط القدم. قد يسبب اعتلال الأعصاب الذاتية اليوريميائي تأخر الإفراغ المعدي والإسهال وهبوط الضغط الانتصابي. تظهر الأعراض السريرية الناجمة عن اعتلالات الأعصاب في مرحلة متأخرة من القصور الكلوي المزمن ولكنها قد تتحسن أو حتى تزول بعد البدء بالديلزة.

5. الوظيفة الغدية الصماوية:
قد يوجد العديد من الاضطرابات الهرمونية ومن أهمها فرط برولاكتين الدم وفرط نشاط الغدد جارات الدرق. عند النساء من الشائع حدوث انقطاع الطمث. ويشاهد عند كلا الجنسين الكرع ونقص الوظيفة الجنسية الناجم في جزءٍ منه عن فرط برولاكتين الدم وثر الحليب، أحياناً قد يفيد استخدام محضر بروموكريبتين.

يتطاول العمر النصفي للأنسولين عند مريض القصور الكلوي المزمن بسبب انخفاض معدل استقلابه ضمن الأنابيب الكلوية، ولذلك قد تنخفض حاجة المريض السكري المصاب بالقصور الكلوي بمراحله النهائية، قد تنخفض حاجته من الأنسولين. على كل حال يوجد أيضاً خلل في عمل الأنسولين على مستوى ما بعد المستقبل مما يؤدي لمقاومة نسبية تجاه تأثيراته، يتحسن هذا الاضطراب الأخير بالعلاج بالديلزة. إن التغيرات في استقلاب الكاربوهيدرات تعتمد على نوعية العوامل المسيطرة.

6. الاضطرابات القلبية الوعائية:
يتطور ارتفاع التوتر الشرياني عند حوالي 80% من مرضى القصور الكلوي المزمن، ينجم جزئياً عن احتباس الصوديوم. كذلك تميل الكلى المصابة بمرض مزمن إلى إفراز الرينين بشكل مفرط الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع التراكيز المصلية لكلٍّ من الرينين والأنجيوتنسين II والألدوستيرون. تتفاقم هذه الحدثية المرضية في حال وجود نقص إرواء كلوي ناجم عن مرض وعائي كلوي. يجب ضبط ارتفاع التوتر الشرياني لأنه يسبب المزيد من تدهور القصور الكلوي ومفاقمة الأذية الوعائية والكبية، التصلب العصيدي شائع وهو قد يتفاقم بارتفاع التوتر الشرياني، قد يحدث تكلس وعائي وقد يكون شديداً لدرجة يحدث فيها إقفاراً محيطياً. التهاب التامور شائع عند مرضى القصور الكلوي بمراحله النهائية غير المعالجين أو المعالجين بشكل غير كافٍ وهو قد يؤدي لتطور سطام تاموري ومن ثم التهاب تامور عاصر.

7. الحماض:
يترافق انخفاض الفعالية الوظيفية الكلوية مع تطور الحماض الاستقلابي الذي يكون غالباً لا أعراضياً. يؤدي الحماض المستمر إلى درء البروتونات في العظم محل الكالسيوم مما يؤدي لتفاقم الداء العظمي الاستقلابي. قد يفاقم الحماض بدوره تدهور الوظيفة الكلوية ويزيد معدل التدرك النسجي. يجب الحفاظ على تركيز بيكاربونات المصل فوق قيمة 18 ميلي مول/ ليتر بإعطاء محضر بيكاربونات الصوديوم الذي تتحدد جرعته المناسبة حسب التجربة السريرية حيث نبدأ بجرعة 1غ كل 8 ساعات ونزيدها حسب الحاجة. قد تؤدي زيادة الوارد من الصوديوم لارتفاع التوتر الشرياني أو الوذمة، ولذلك يعد محضر كربونات الكالسيوم (حتى 3 غ يومياً) بديلاً مناسباً عن بيكربونات الصوديوم بالإضافة إلى أنه يستخدم لربط الفوسفات الوارد مع الطعام.

8. الخمج:
تضعف المناعة الخلطية والخلوية وتزداد أهبة المريض للإصابة بالخمج. تعد الأخماج السبب الثاني (من حيث الشيوع) للموت عند مرضى الديلزة بعد الأمراض القلبية الوعائية.

9. النزف:
تزداد أهبة المريض للإصابة بالنزف، وتتظاهر هذه الأهبة عند مرضى القصور الكلوي المتقدم بالتكدم الجلدي والنزوف من الأغشية المخاطية. تضطرب وظيفة الصفيحات ويتطاول زمن النزف. تصلح الديلزة الكافية بشكل جزئي هذا الاضطراب.

10. الاضطرابات الهضمية:
من الشائع أن يصاب المريض بالقهم المتبوع بالغثيان والإقياء (ولاسيما عند الصباح). تزداد نسبة إصابة المريض اليوريميائي بالقرحة الهضمية.

D. التدبير:
يرتكز تدبير القصور الكلوي المزمن على المبادئ التالية:
ـ يجب تحديد سبب المرض الكلوي المستبطن الذي أحدث القصور المزمن.
ـ يجب بذل الجهود لمنع تفاقم تدهور الوظيفة الكلوية.
ـ يجب البحث عن العوامل العكوسة (وعلاجها) التي تفاقم تدهور الوظيفة الكلوية (انظر الجدول 16).
ـ يجب بذل الجهد لتخفيف التأثيرات الجانبية الضارة الناجمة عن القصور الكلوي.
ـ يجب اللجوء للمعالجة المعيضة للكلية (الديلزة أوالزرع) في الوقت المناسب.

يجب في البداية تحديد سبب المرض الكلوي المستبطن إن كان ذلك ممكناً اعتماداً على القصة المرضية والفحص السريري والاستقصاءات المخبرية الكيماوية والمناعية والشعاعية والنسجية. يجب تقييم شدة القصور الكلوي وكشف الاختلاطات الناجمة عنه. في بعض الحالات قد يكون السبب قابلاً للعلاج النوعي (مثل بعض أشكال التهاب كبيبات الكلى الذي يستجيب للعلاج بكابتات المناعة). يجب البحث عن العوامل العكوسة وتصحيحها لأن ذلك يحسن الوظيفة الكلوية (انظر الجدول 16).

الجدول 16: العوامل العكوسة في القصور الكلوي المزمن.

·                    ارتفاع التوتر الشرياني.

·                    نقص معدل الإرواء الكلوي:

- تضيق الشريان الكلوي.

- انخفاض الضغط المحرض دوائياً.

- نضوب الماء والصوديوم.

- تدهور الوظيفة القلبية.

·                    انسداد السبيل البولي.

·                    إنتان السبيل البولي.

·                    وجود إنتانات ما في مناطق أخرى من الجسم (تزيد التدرك وإنتاج البولة).

·                    الأدوية السامة للكلى.

يوجد العديد من الإجراءات التي تطبق عند مريض القصور الكلوي اللاعكوس لإنقاص شدة الأعراض وربما لإبطاء التطور نحو القصور الكلوي بمراحله النهائية.

1. تأخير ترقي القصور الكلوي المزمن:
في النهاية سيكون القصور الكلوي المزمن مرضاً قاتلاً ما لم تطبق المعالجة المعيضة للكلية (الديلزة أو زرع الكلية). عندما يزيد تركيز كرياتينين المصل عن 300 ميكرومول/ليتر نلاحظ عادة حدوث ترقي في تدهور الوظيفة الكلوية بغض النظر عن سبب القصور المزمن. إن معدل تدهور الوظيفة الكلوية مختلف بين مريض وآخر بشكل كبير ولكنه ثابت نسبياً عند كل مريض على حدة. يسمح تركيز كرياتينين البلازما المقلوب مقابل الزمن، يسمح هذا المخطط للطبيب بأن يتوقع متى سيحتاج المريض للديلزة وبأن يكشف أي تدهور غير متوقع في القصور الكلوي (انظر الشكل 21). قد يعكس التبدلُ الطارئ على انحدار الخط البياني التبدل الطارئ على الخطة العلاجية مثل ضبط التوتر الشرياني وبقية التدابير الأخرى.

الشكل 21: مخطط تركيز كرياتينين المصل المقلوب مقابل الزمن (على مدى 6 سنوات) عند مريض مصاب بقصور كلوي مترقي ناجم عن اعتلال الكلية الغشائي. يمكن بقياس تراكيز كرياتينين المصل بشكل متكرر توقع زمن حدوث الداء الكلوي بمراحله النهائية. عند نقطة التحول (السهم) لاحظنا أن انحدار الخط البياني قد انخفض بشكل دراماتيكي وهذا ناجم عن علاج المريض بشوطٍ من كلورامبيوسيل وبريدنيزولون لمدة 6 أشهر.

2. ضبط التوتر الشرياني:
قد يؤخر ضبط التوتر الشرياني تدهور معدل الرشح الكبي في العديد من الأمراض الكلوية ولاسيما الأمراض الكبية. ولقد ثبتت هذه الحقيقة بالنسبة لاعتلال الكلية السكري المنشأ، ولربما تكون صحيحة بالنسبة لبقية الأمراض أيضاً ولاسيما تلك التي تترافق مع بيلة بروتينية شديدة. إلى الآن لم نحدد عتبة ما لهذا التأثير بل إن أي انخفاض في التوتر الشرياني سيكون مفيداً. اقترحت العديد من قيم التوتر الشرياني لتحقيقها عند المرضى مثل 130/ 85 ملمز عند المصاب بالقصور الكلوي المزمن المعزول ومثل 125/ 75 ملمز عند المصاب بالقصور الكلوي المزمن المترافق مع بيلة بروتينية تزيد عن 1غ/ اليوم. إن الوصول لهذه القيم يحتاج غالباً لإشراك العديد من الأدوية الخافضة للضغط مع بعضها الأمر الذي قد يحد منه السمية الدوائية وعدم مطاوعة المريض. كذلك فإن ارتفاع نسبة إصابة مريض الداء الكلوي المزمن بضخامة البطين الأيسر وبقصور القلب وبالداء الوعائي الساد، إن ارتفاع هذه النسبة يبرر بذل الجهود الشديدة لضبط التوتر الشرياني.

وجد أن مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين أكثر فعالية في إبطاء ترقي القصور الكلوي من الأدوية الأخرى التي تخفض التوتر الشرياني بشكل مكافئ لها (انظر EBM Panel). قد ينجم هذا الفرق عن قدرة هذه المثبطات على تخفيض ضغط الإرواء الكبي بتوسيعها للشرينات الصادرة الأمر الذي يؤدي لانخفاض فوري في ضغط الرشح الكبي عند بدء العلاج بها. إن انخفاض معدل البيلة البروتينية مؤشر إنذاري جيد ولكن من غير الواضح احتمال وجود علاقة سببية بين هذا الانخفاض وجودة الإنذار. بغض النظر عن مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين فإن ضادات مستقبلات الأنجيوتنسين II تخفض أيضاً ضغط الإرواء الكبي، كذلك قد يمكن الحصول على نفس هذا التأثير بإعطاء ضادات كلس معينة من غير زمرة ديهيدروبيريدين.

3. الحمية:
أظهرت الدراسات التجريبية أنه يمكن تأخير ترقي الداء الكلوي بتطبيق العديد من المناورات على الحمية، ومن أهمها تحديد الوارد من البروتين. إن نتائج هذه الدراسات المجراة على البشر أقل موثوقية وأضعف دلالة (انظر EBM Panel). فمن الصعب على المريض أن يلتزم بالحمية قليلة البروتين بالإضافة لكونها قد تسبب سوء تغذية. على كل حال تبقى هذه المسألة خلافية ولكن بالنسبة لمعظم المرضى الذين يعيشون في مناطق تتوافر فيها المعالجة المعيضة للكلية فإنه لا ينصح بتطبيق حمية صارمة جداً فقيرة بالبروتين. إن تحديد البروتين بشكل متوسط الشدة (60 غرام من البروتين يومياً) يجب أن يترافق مع واردٍ كافٍ من الحريرات لمنع سوء التغذية. قد يشير القهم والضمور العضلي لضرورة البدء بالديلزة.

 

EBM

 

 

 

 القصور الكلوي المزمن- دور مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين عند المرضى غير السكريين:

وجد أن إعطاء مثبطات الخميرة القالبة للأنجيوتنسين لمرضى غير سكريين مصابين بارتفاع التوتر الشرياني والقصور الكلوي المزمن المترافق مع البيلة البروتينية، إن إعطاءهم هذه الأدوية قد أنقص شدة البيلة البروتينية وأبطأ تدهور الوظيفة الكلوية. ربما تبدي مضادات مستقبلات أنجيوتنسين II نفس التأثير أيضاً، إن هذا التأثير أعظم من نظيره الناجم عن بقية خافضات الضغط وهو مستقل عن تأثيرها في تخفيض الضغط.


 

EBM

 

 

 

 القصور الكلوي المزمن- دور الحمية الفقيرة بالبروتين:

رغم أن أكبر تجربة وحيدة عشوائية لم تبرهن على تأثيرٍ مهم لهذه الحمية، فإن التحليل اللاحق لمجموعات أصغر والتحليل لتجارب عشوائية مضبوطة منشورة أظهرا أن تحديد الوارد من البروتين مع الطعام يؤخر ترقي القصور الكلوي المزمن عند المرضى اللاسكريين وعند المرضى السكريين المعتمدين على الأنسولين. فقد وجد عند المرضى اللاسكريين أن حدوث القصور الكلوي بمراحله النهائية قد انخفض بنسبة 40% تقريباً مقارنة مع نظرائهم الذين لم يخضعوا لتحديد البروتين. طبقت هذه التجارب حمية مقدارها 0.3-0.8 غ/كغ من البروتين ولم تحدد الوارد المثالي منه.

4. الشحوم:
من الشائع أن يكون تركيز كوليستيرول الدم مرتفعاً عند المرضى الذين لديهم بيلة بروتينية مهمة، كذلك من الشائع أن يكون تركيز الشحوم الثلاثية مرتفعاً عند مرضى القصور الكلوي المزمن. بالإضافة لكون ذلك يؤدي لتطور داء وعائي فإنه يؤدي أيضاَ إلى تسريع ترقي الداء الكلوي المزمن. ولقد أدى استحداث مثبطات خميرة ريدوكتاز HMG-CoA إلى إمكانية إحداث تخفيض ملحوظ في الشحوم عند مرضى الداء الكلوي المزمن، ولكن إلى الآن لا توجد دراسات على المدى الطويل عند هذه المجموعة من المرضى. على كل حال يعتقد البعض أن الخطورة العالية لحدوث داء وعائي عند مرضى القصور الكلوي المزمن تبرر علاج هذه الاضطرابات في انتظار أن يأتي الدعم من نتائج الدراسات المضبوطة.

5. الشوارد والسوائل:
بسبب نقص قدرة الكلية القاصرة على تكثيف البول، فإنه لابد من توافر حجم بولي مرتفع نسبياً لإطراح منتجات الاستقلاب، ولذلك ينصح بأن يكون معدل الوارد من السوائل حوالي 3 ليتر يومياً. قد يحتاج المرضى المصابون بداء كلوي مضيع للملح، قد يحتاجون لوارد كبير من الصوديوم والماء بما في ذلك إعطاؤهم كميات من كلور الصوديوم وبيكاربونات الصوديوم لمنع نضوب السوائل وبالتالي تفاقم تدهور الوظيفة الكلوية. يشاهد هذا الأمر غالباً عند المصابين بالداء الكلوي الكيسي أو بالاعتلال البولي الانسدادي أو باعتلال الكلى الجزري أو بأحد الأمراض الأنبوبية الخلالية الأخرى، ولا يشاهد عند المرضى المصابين بداء كبي. يستفيد هؤلاء المرضى من تناول 5-10 غ/ اليوم (85-170 ميلي مول/اليوم) من كلور الصوديوم فموياً، وعادة نبدأ بجرعة 2-3 غ/ اليوم ونزيد الجرعة لاحقاً حسب الحاجة. إن الحد الذي يجب أن يوقفنا عن إضافة المزيد من الملح هو تطور وذمة رئوية أو محيطية أو تفاقم ارتفاع التوتر الشرياني. قد يستطب استبدال كلور الصوديوم بمحضر بيكاربونات الصوديوم عندما يستطب إصلاح الحماض.

قد يستطب تحديد الوارد من البوتاسيوم (70 ميلي مول/اليوم) والصوديوم (100 ميلي مول/اليوم) في المراحل المتأخرة من القصور الكلوي المزمن في حال وجود دلائل على تراكمهما في جسم المريض. إن تراكم السوائل بشكل مفرط عند المريض المصاب بقصور كلوي طفيف قد يؤدي أحياناً لتطور وذمة رئة دورية، تترافق هذه الحالة بشكل خاص مع تضيق الشريان الكلوي.

6. فقر الدم:
إن الإريثروبيوتين البشري المأشوب فعال في تصحيح فقر الدم الناجم عن القصور الكلوي المزمن. يعطى عادة بجرعات تؤدي لوصول تركيز الخضاب للمجال 10-12 غرام/ليتر. يجب أن يعطى حقناً، ويعد حقنه تحت الجلد الأكثر فعالية. تشمل اختلاطاته ارتفاع التوتر الشرياني الذي يتطلب غالباً تعديل الأدوية الخافضة للضغط، وزيادة قابلية الدم للتخثر وارتفاع نسبة حدوث الخثار ضمن الناسور الشرياني الوريدي المستخدم للديلزة الدموية، وإذا صحح فقر الدم بشكل تدريجي فإن نسبة هذه الاختلاطات تصبح أقل شيوعاً. تنخفض فعالية الإريثروبيوتين في حال وجود عوز حديد عند المريض أو وجود خباثة أو حدثية التهابية فعالة أو عند المريض المصاب بفرط حمل الألمنيوم الذي ينجم أحياناً عن الديلزة، ولذلك يجب البحث عن هذه الحالات وعلاجها إن أمكن ذلك قبل البدء بإعطاء الإريثروبيوتين.

7. الحثل العظمي:
يجب الحفاظ على تركيز كالسيوم وفوسفات المصل قرب الحد الطبيعي قدر الإمكان. يصحح نقص كلس الدم بإعطاء المماكب الصنعي للفيتامين D المعروف باسم 1-الفا- هيدروكسيلات فيتامين D. تضبط الجرعة بحيث نتجنب إصابة المريض بفرط كلس الدم، إن ضبط تركيز الكلس سيمنع عادة تطور تلين العظام أو يضبطه، رغم أنه قد يكون معنداً على العلاج أحياناً ربما بسبب وجود عوامل أخرى تثبط تمعدن العظم. يضبط فرط فوسفات الدم بتحديد الطعام الغني به (مثل الحليب والجبن والبيض) وباستخدام الأدوية الرابطة للفوسفات التي تتحد مع الفوسفات المتناول مع الطعام لتشكل معقداً غير ذواب يمنع امتصاصه (من الأدوية الرابطة للفوسفات نذكر كربونات الكالسيوم بجرعة 500 ملغ فموياً مع كل وجبة طعام). كذلك يبدي محضر هيدروكسيد الألمنيوم تأثيراً رابطاً للفوسفات (300-600 ملغ فموياً قبل كل وجبة، يعطى على شكل كبسولات)، ويجب إعطاء هيدروكسيد الألمنيوم بأقل جرعة فعالة ممكنة وقبل الطعام مباشرة للحيلولة دون الانسمام به. يمكن بتلك الإجراءات منع أو ضبط فرط نشاط جارات الدرق الثانوي، ولكن في حال وجود داء عظمي شديد مع فرط نشاط جارات درق مستقل يصبح من الضروري استئصال جارات الدرق.

E. الإنذار:
تحدثنا سابقاً عن ميل اضطراب الوظيفة الكلوية للترقي (انظر الشكل 21) وعن العوامل التي يمكن لها أن تؤثر على هذا الترقي.

إن المعلومات حول الإنذار طويل الأمد بالنسبة لمرضى الديلزة أو مرضى زرع الكلية محدودة لأن هذه التقنيات توافرت فقط منذ حوالي 30 سنة وهي تخضع للتطور بشكل سريع ومستمر. ورغم ذلك يمكن اعتبار الديلزة وزرع الكلية شكلين فعالين جداً من أشكال العلاج، وتبلغ نسبة البقيا لمدة 5 سنوات 80% تقريباً عند المرضى الذي يخضعون للديلزة الدموية المنزلية و 80% عند مرضى زرع الكلية و60% عند الذين يخضعون للديلزة الدموية المشفوية و50% عند الذين يخضعون للديلزة البريتوانية المستمرة المتنقلة
(CAPD).

لا يمكن مقارنة هذه النسب مع بعضها البعض بشكل مباشر بسبب اختلاف المرضى الذين يخضعون لكل طريقة حيث نجد أن المرضى الذين يعالجون بالديلزة البريتوانية غالباً ما يكونون متقدمين بالعمر ومصابين بأمراض جهازية مثل الداء السكري. من الصعوبات الأخرى في تحديد الإنذار طويل الأمد لمرضى القصور الكلوي المزمن أن نسبة كبيرة منهم تموت نتيجة تعرضهم لأسباب مرضية أخرى وعلى رأسها الأمراض الوعائية وذلك مقارنة مع باقي الناس من نفس العمر. على كل حال تشير الدراسات المبدئية إلى أن إنذار مرضى الداء الكلوي بمراحله النهائية الآن أفضل بكثير من إنذار المرضى المصابين بالعديد من الأمراض الأخرى المميتة.


ديفيدسون Davidson's

طباعة ارسال
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية

البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية البوابة الطبية | أخبار يومية لحياة صحية
اختر الأعراض التي تعاني منها، وأجب عن الأسئلة لتصل إلى تصور طبي عن حالتك.
للتدخين أضرار كثيرة جداً على الصحة.. ويعتبر السبب الأول للوفيات في العالم.
احصل على برنامج حمية تخصصي يتناسب مع بياناتك الشخصية، لتحصل على الفائدة المرغوبة.
تعرّف على فوائد الأعشاب، وكيفية استخدامها، وتأثيراتها الجانبية، وماذا يقول العلم فيها.