يُصادف الحاجُ في أثناء حجِّه أحداثاً كثيرة, ويقابل أشخاصاً كثيرين, وينتقل من مكان إلى مكان, فعليه أن يكونَ في أثناء حجِّه كلِّه حريصاً على صحَّته العامَّة, وألاَّ يتساهلَ في الأشياء اليسيرة, لأنَّ معظمَ المشاكل الصحِّية تنشأ من تجاهل التوجيهات الصحِّية البسيطة.
ونذكر فيما يلي بعضَ الإرشادات الصحِّية التي نرجو أن يتقيَّدَ بها المرءُ في أثناء حجِّه, حين يصل إلى الديار المقدَّسة، ونأمل من الله تعالى أن تعينَه هذه التوجيهاتُ على إتمام نُسكه بيسر وسهولة.
• الانتباه للطعام الذي يأكله الحاج:
يقوم بعضُ الحجَّاج بإعداد الطعام بطريقةٍ غير صحيحة, ولهذا فإنَّ بعضَ الأمراض المُعدِية المرتبطة بالطعام قد تزداد في الحج, مثل الإسهال والقيء وآلام البطن والنَّزلات المعوية.
وهناك إجراءاتٌ وقائية يسيرة وسهلة, لكنَّ تجاهلَها - للأسف - قد يسبِّب مشاكل صحِّية كبيرة, ومن هذه الإجراءات:
• الحرص الشديد على النظافة, وعلى غسل اليدين بالماء والصابون, قبلَ تناول الطعام وبعده, وكذلك بعدَ قضاء الحاجة.
• الحرص على نظافة الأواني المستعمَلة لإعداد الطعام وتناوله؛ والحرص على غسل الفواكه والخضروات قبلَ تناولها.
• عدم ترك الطعام مكشوفاً في الهواء الطلق, لأنَّه يكون عرضةً للغبار والذباب والهوام.
• أن تكونَ مياهُ الشرب والطبخ من المياه المعلَّبة, أو من المياه المعالجة بالترشيح والتنقية، وإلاَّ فيجب غليها قبلَ الاستعمال.
• عدم شراء السَّلَطات والأطعمة التي تُباع في الطرقات, من الباعة المتجوِّلين.
• الإكثارُ من شرب المياه والسوائل المختلفة
يفقد الحاجُ في موسم الحج كمِّياتٍ كبيرةً من السوائل عن طريق التعرُّق, ولهذا يُنصَح الحجَّاجُ دوماً بشرب كمِّيات كافية من السوائل لتعويض ذلك النقص.
• نصائح في الأمن والسلامة:
مَوسِمُ الحج موسمٌ حافِل بالأحداث, يجتمع فيه قرابةُ المليونين من البشر, في فترة لا تتجاوز الأسبوع, ويسكنون في خيام متلاصقة, وينتقلون في أوقات متقاربة. وهم فوقَ ذلك من بلاد مختلفة, ولغات متباينة, ودرجات تعليم متفاوتة.
ولهذا كلِّه كان ولا يزال موسمُ الحج عرضةً لكثير من الحوادث. وأهمُّ هذه الحوادث ما يلي:
1. الحرائق:
الحرائقُ في موسم الحج مأساةٌ كبيرة, ونرجو أن تتوقَّفَ هذه المأساةُ بعدَ تعميم استخدام النوع الجديد من الخيام المضاد للحريق. ومع هذا، فهذه بعضُ النصائح التي يبقى العملُ بها مهماً:
• يجب تجنُّبُ إشعال النار داخل الخيمة, والالتزامُ باستخدام الأماكن المخصَّصة للطهي وإعداد الطعام.
• لا يجوز إلقاءُ أعقاب السجائر في غير الأماكن المخصَّصة لذلك.
• لابدَّ من التعرُّف إلى مخارج الطوارئ لاستخدامها وقتَ الضرورة.
• ينبغي تجنُّبُ تخزين المواد القابلة للاشتعال والانفجار.
• يُستحسَن فصلُ التيَّارُ الكهربائي عندَ مغادرة مكان السَّكَن، والتقليل من كثرة التوصيلات الكهربائيَّة ومن تحميلها فوقَ طاقتها.
2. الإصابات والكسور:
• لا تنصب خيمتك فوقَ الجبال والمرتفعات, وتجنَّب تسلُّقَ الصخور، فذلك يعرِّض حياتك للخطر.
• تَجنَّب النومَ في الأماكن الوعرة, حتَّى لا تتعرَّض للدغات الثعابين أو لسعات الحشرات.
• تَجنَّب السيرَ في مجموعات كبيرة، فهو يسبِّب الارتباكَ لبقية الحجَّاج ويؤذيهم.
• تَجنَّب الزحامَ والتدافع, فهما من أكثر أسباب الإصابات في الحج، وتَخيَّر الأوقاتِ المناسبةَ لتحرُّكاتك, واستفد من الرخص الشرعية الموثَّقة في هذا المجال.
• احذر من افتراش الأرصفة والطرقات والنوم تحتَ السيَّارات.
• ارفعَ المظلَّةَ في أماكن الزحام, حتَّى لا تؤذي الآخرين.
• تَرفَّق بالضعفاء من المرضى وكبار السنِّ والنساء.
3. حوادث السيارات:
لا تزال هذه المشكلةُ باقيةً بسبب الزحام الشديد وعجلة البعض وتَهوُّرهم. وهذه بعضُ النصائح المهمَّة:
• احذر من العجلة والتهوُّر في قيادة السيَّارة, وكن منتبهاً باستمرار للمشاة، فكثيرٌ منهم يمشي في وسط الطريق.
• تَجنَّب الركوبَ فوق أسطح السيَّارات والباصات, وخاصَّة حين النفرة من عرفات إلى مزدلفة.
إذا كنت تمشي على قدميك، فابتعد عن طريق السيَّارات, فبعضُ السائقين في المشاعر يقودون سيَّاراتهم بسرعة للأسف!.
• المحافظةُ على النظافة الشخصيَّة ونظافة الآخرين:
لو أنَّ كلَّ حاج التزم بآداب الإسلام في النظافة, وألقى المخلَّفات في الأماكن المخصَّصة, لما حصلت بعضُ المشاهد المؤذية في الحج من تراكم القمامة, واتساخ الشوارع, برغم الجهود الجبَّارة التي تبذلها البلديَّات.
وهذا عرضٌ مختصر لأهمِّ آداب النظافة الواجب اتِّباعها:
• لا يليق بالحاج أبداً أن يبصقَ على الأرض, فهذا فوق أنَّه منظرٌ غير لائق, لكنَّه أيضاً وسيلةٌ خطرة لنقل الأمراض وانتشار العدوى.
• من السلوكيَّات الخاطئة تساهلُ بعض الحجاج برمي مخلَّفات القمامة, وبقايا الأكل في الشارع.
• يجب أن يكونَ قضاءُ الحاجة في دورات المياه فقط! حتَّى لا تنتشرَ الأوبئة المعدية.
• عدمُ إجهاد النفس:
الله تبارك وتعالى غنيٌّ عن تعذيب الإنسان لنفسه, وبعض الحجاج يرهقون أنفسَهم ويتعبونها في أشياء قد لا يترتَّب عليها أجرٌ أو فضيلة, فمثلاً:
• بعض الحجاج يؤدِّي المناسك، كالطواف والسعي ورمي الجمار، في أوقات الزحام الشديد والحرِّ, فيرهق نفسَه ويرهق من معه, وربَّما فقد لذَّةَ العبادة وحلاوتها. ولو أدَّى تلك المناسك في غير أوقات الذروة وعند اعتدال الحرارة, لكان أرفقَ به وأخشع لقلبه.
• بعض الحجاج لا يهتمُّون بأخذ قسطٍ كافٍ من الراحة, وربَّما سهر إلى وقت متأخِّر من الليل فيختلُّ نظام النوم لديه, ومثلُ هذه التصرُّفات تعرِّض الجسمَ للإجهاد والإنهاك.
• الامتناع عن التدخين:
لا يمكن لأحد الآن أن ينكرَ أضرارَ التدخين, لأنَّ أضرارَه أصبحت واضحةً يراها الجميع.
وفى موسم الحج، حيث الزحامُ الشديد, واختناق الأنفاس, وتقارب مساكين الناس، تتعدَّى أضرارُ التدخين من المدخِّن إلى من حوله من غير المدخِّنين.
وليت المدخِّنُ يجعل من موسم الحج فرصةً للإقلاع النهائي عن التدخين، فينقذ بذلك نفسَه, ويحمي من حوله من دخان السجائر الذى ينفثه في وجوههم. وصدق اللهُ إذ يقول: {}ذلك ومن يعظِّم شعائرَ الله، فإنَّها من تقوى القلوب{{.
• حفظُ الأدوية بطريقةٍ سليمة:
يجب على الحاج العناية بكيفية حفظ الأدوية, خاصَّة في الجوِّ الحارِّ للمَشاعر. وتوجد في الأسواق حافظاتٌ صغيرة (ترامس) يمكن حفظُ الأدوية فيها.
• الافتراشُ ظاهرةٌ يجب أن تتوقَّف:
ظاهرةُ افتراش بعض الحجَّاج للشوارع وتحت الجسور طوالَ موسم الحج تعدُّ ظاهرةً سيِّئة وخطيرة، لأنَّها تساهم في نشر الأوبئة المعدية, وتعرِّض المفترشين للإجهاد والإنهاك وضربة الشمس, وتعطِّل سيِّارات الإسعاف والدفاع المدني, وتعرقل حركةَ السير العام.
• كمَّاماتُ الأنف والفم هل هي مفيدة؟
اعتادَ بعضُ الحجَّاج لبسَ كمَّامات الأنف والفم, وذلك حتَّى تقيهم من الغبار والأتربة, وبعضُهم يعتقد أنَّها تمنع انتقالَ العدوى. والحقيقةُ أنَّه ليس معروفاً على وجه الدقَّة هل هي مفيدة أم لا؟ بل هناك بعض الدراسات الأوَّلية التي لم تتأكَّد بَعدُ تشير إلى أنها ربَّما كانت مضرَّة، لأنَّه يتجمَّع فيها كمِّيةٌ مركَّزة من الغبار والعوالِق. وعلى كلِّ حال، فمن أراد استخدامَها، فلابدَّ من تغييرها بصورةٍ مستمرة.
• الحذرُ عندَ الحلاقة:
يقوم بعضُ الحجَّاج عندَ حلاقة شعرهم باستخدام أمواس حلاقة قد استخدمها أشخاصٌ آخرون قبلَهم؛ وهذا سلوكٌ خطير!! لأنَّ كثيراً من الأمراض المُعدِية التي تنتقل عن طريق الدم، ربَّما انتقلت بهذه الطريقة, ومن أخطرها فيروسُ الإيدز, والفيروساتُ الكبدية من نوع (ب) و (ج)؛ فعلى كلِّ حاج أن يستعملَ الموس لمرَّة واحدة، ثمَّ يرمي به في المكان المخصَّص لذلك.
كما يُنصَح الحاجُ بألاَّ يمشي حافيَ القدمين، لتجنُّب الوخز بإبر أو أمواس ملوَّثة قد تكون موجودةً على الأرض.
موسوعة الملك عبد الله للمحتوى الصحي
طباعة
ارسال