يمتلك جسم الإنسان وسائل دفاع عديدة يكافح بها العدوى دون حاجة إلى أدوية، وذلك عبر جهازه المناعي وجلده وافرازاته المخاطية، ما يمكّنه من قهر الالتهابات، لكن حالات معينة تتطلب تناول المضادات الحيوية التي باتت شائعة جدا ومتوفرة بأكثر من 200 نوع تختلف تسمياتها باختلاف جهات تصنيعها.
وهذه المضادات مركبات كيميائية قادرة على قتل البكتيريا أو إيقاف نموها وازديادها، وتُستخرج من إفرازات بعض الفطريات والبكتيريا أثناء النمو ويمكن تحضيرها صناعياً كما يجري في الوقت الراهن.
أنواع متعددة:
ويبين الدكتور ثائر ماضي اختصاصي طب الأسرة أن للمضادات الحيوية أنواعاً من حيث
قوة المفعول، فمنها واسع المفعول يستخدم لقتل أنواع كثيرة مختلفة من الجراثيم، ومنها ما يستخدم ضد أنواع خاصة قليلة من الجراثيم. أما من حيث التأثير على الميكروبات فهناك مضادات توقف نمو الميكروب وأخرى تقتله، وهناك مضادات للبكتيريا إيجابية الغرام وأخرى مضادة للبكتريا سلبية الغرام ومضادات حيوية فعالة ضد النوعين.
ومن حيث
الاستخدام يلفت إلى أن بعض المضادات تؤخذ عن طريق الفم، وهو أكثر الطرق انتشاراً وتكون على شكل كبسولات وقطرات، في حين تؤخذ بعض المضادات عن طريق الحقن وهو أسلوب يتم اللجوء إليه في حالة الإصابة بالتهاب بكتيري شديد وفي حال تعذر تناول المضاد عن طريق الفم أو في حالة عدم الاستجابة بتناوله عن طريق الفم، كما أن هناك مضادات حيوية تؤخذ موضعياً كالمراهم وقطرات تعطى في حالة إصابة الجلد من الخارج أو إصابة أحد فتحات الجسم كالعين والأذن بالتهاب بكتيري.
سلبيات وآثار جانبية:
ويضيف الطبيب إنه رغم الفوائد الكبيرة للمضادات الحيوية إلا أنها تسبب كباقي الأدوية آثاراً جانبية بين الطفيفة والخطيرة حسب طبيعة جسم الإنسان وخصائص الدواء والجرعة المتناولة.
ومن الآثار السلبية للمضادات وخاصة البنسلين يقول ماضي: إنها تتمثل بالتحسس والإسهال والإقياء وحرقة المعدة والحكة والطفح الجلدي، وقد تصل المضاعفات إلى تهديد حياة المريض من خلال الهبوط الحاد بالدورة الدموية وصعوبة التنفس ما يستوجب الإسعاف السريع.
ومن سلبيات بعض المضادات الحيوية أيضاً أنها تقتل البكتيريا النافعة للجسم التي تحميه من استيطان البكتريا الممرضة، ما يضعف المناعة ويعرض الجسم لهجمات بكتيرية تؤدي لعدوى جديدة.
كما تسبب بعض المضادات ضرراً لالحامل والمرضع، ومنها ما يضر بالعصب السمعي كمضاد الستريبتومايسين وقد يؤدي استعماله على المدى الطويل إلى الصمم، في حين تسبب أنواع أخرى تلون الأسنان عند الأطفال كمضاد التتراسيكلين، وتؤدي انواع كالكلورمفينيكول إلى تثبيط نقي العظم وبالتالي إلى فقر الدم ونقص الكريات البيضاء، فيما يضر بعضها بعمل الكبد والكلى، لذا ينصح المرضى في حال إحساسهم بآثار جانبية بعد تناول المضادات الحيوية بإعلام الطبيب المعالج فوراً.
سوء استخدام المضادات الحيوية:
وعن سوء الاستخدام يبين الدكتور ماضي خطورة استخدام المضادات الحيوية دون حاجة أو دون وصفة طبية، مشيراً إلى أن بعض الأطباء يصفون المضادات الحيوية لعلاج الإصابات ذات المنشأ الفيروسي كالانفلونزا رغم أن هذه المضادات ليس لها أي تأثير على الفيروسات.
كما أن عدم الانتظام في استخدام المضاد الحيوي كتعاطيه ليومين أو ثلاثة ثم إيقافه بعد الشعور بالتحسن، أو تناول جرعات زائدة من تلقاء النفس يعتبر من نماذج سوء استخدام المضادات الحيوية.
ويحذر الطبيب من استخدام المضاد الحيوي لفترات طويلة متكررة دون عمل الاختبارات اللازمة للتأكد من حساسية الميكروب للمضاد المستخدم، كما حذر من اختيار المضاد غير المناسب لافتاً إلى أنه في أغلب الأحيان يتم تعاطي المضاد عشوائياً دون إجراء اختبار يحدد الدواء الأنسب للميكروب المسبب للمرض.
ويلفت الدكتور ماضي إلى أن دولاً عديدة حظرت الاستعمال غير العلاجي للمضادات الحيوية لأغراض ذات علاقة بتسريع نمو النبات والحيوانات والطيور.
وأضاف أن الاستخدام السيئ للمضادات الحيوية أدى لظهور أنواع جديدة من البكتيريا المقاومة للأدوية، والتي أسرف المريض في استخدامها دون إشراف طبي حيث باتت البكتيريا تتعرف على آلية عمل المضادات وتعمل على تفادي مفعولها لتبدأ مساراً جديداً للنمو والتكاثر بوجود المضاد الحيوي ما يؤدي إلى فقدان السيطرة على العدوى بسبب عدم فعالية المضادات.
نصائح:
ويشير إلى بعض النصائح حول الاستخدام الأمثل للمضادات الحيوية كالالتزام بالجرعة الموصوفة وأوقاتها وإتمام مدة العلاج الكافية، وتناول كمية مناسبة من السوائل عند استخدام الأدوية عموماً والمضادات الحيوية خصوصاً ولاسيما اللبن الذي يوصى به أثناء فترات العلاج للتقليل من الآثار الجانبية على الجهاز الهضمي، مبيناً أنه عند تعاطي المضاد على شكل كبسولات يجب بلعها كاملة وعدم فتح محتوياتها أو مضغها لأن هذا يؤثر على امتصاص الدواء وفعاليته.
وعن المضادات الحيوية الخاصة بالأطفال يوضح ماضي أنها تكون على هيئة شراب أو مسحوق يضاف إليه الماء ليصبح جاهزاً للشرب، مشيراً إلى أن مثل هذه الأدوية يجب حفظها في البراد مع ملاحظة أن مدة صلاحيتها لا تتعدى الأسبوعين.
إضافة الى وجوب الحذر عند تعاطي المضادات في حالات مرض السكري وكبر السن ولدى الأطفال ومرضى القلب وارتفاع ضغط الدم ومرضى الكبد والكلى، حيث أن الجرعات في هذه الحالات تحتاج إلى ضبط من قبل الطبيب المختص، وعند وجود حساسية سابقة من أحد المضادات الحيوية يجب على المريض إخبار الطبيب وإجراء اختبار الحساسية قبل تناوله.
وينبه إلى أنه من الأفضل عند العلاج بالمضادات الحيوية عدم تعريض الجلد للشمس كثيراً، وعند تناول المضاد مع أدوية أخرى يجب إخبار الطبيب لأن تناول أكثر من دواء في الوقت نفسه قد يزيد في تأثير أحد الأدوية على الآخر مؤدياً إلى آثار جانبية خطيرة، كما قد يتسبب في إبطال أو تقليل فعالية الدواء الآخر، في حين أن استعمال أكثر من دواء يؤدي لإنتاج مركب له تأثيرات عكسية للدواء الأصلي.
سانا
طباعة
ارسال